ظن الرجل المسئول من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - عَلِيّا رضي الله عنه؛ لأنه يوافق عثمان في هذه المسألة، ولا يبعد أن يكون الرجل هو ابن مسعود إذ سئل عن الرجل يجمع بين الأختين المملوكتين في الوطء كرهه فضل الله تعالى بقوله:{إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}[النساء: ٢٤] فقال: وبعيرك أيضًا مما ملكت يمينك، والمعنى أن قوله تعالى:{مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}[النساء: ٢٤] ليس على عمومه بل المراد ما ملكت أيمانكم من النساء وغيرها المذكور فيما سبق، وتقدم تحريم الأختين ولا يلزم من جواز وطء الأم والبنت والأخت بملك اليمين، وهو خلاف الإِجماع ونص القرآن؛ ولهذا سئل وهب بن منبه من تلاميذ أبي حنيفة، ومن أهل اليمين، ومنقبته في طبقات ابن الجوزي عن وطء الأختين المملوكتين، فقال في التوراة: يكفر من جمع بين الأختين المملوكتين، وما فصل لنا حرتين ولا مملوكتين على أن الأظهر إنه استثناء الأساري من النساء، خصوصًا على القاعدة الحقيقية أن يكون الاستثناء من الجملة الأخيرة، كما حقق في قوله تعالى في سورة النور: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٤) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} الآية [النور: ٤، ٥]، والأصل في الاستثناء أن يكون متصلًا.
وأما قول البيضاوي: فرجح على التحريم وعثمان التحليل وقول علي رضي الله عنه أظهر؛ لأن آية التحليل مخصوصة في غير ذلك، ولقوله - صلى الله عليه وسلم - (ق ٥٧٥): "ما اجتمع الحلال والحرام إلا غلب الحرام" فغير مستقيم من وجهين؛ لأن عثمان وعليًا قد اتفقا على التحريم كما تقدم والحديث الذي ذكره لا أصل له، كما صرح به السيوطي.
قال محمد: وبهذا نأخذ كله أي: لا نعمل إلا بما رواه الزهري عن قبيصة بن ذؤيب بجميعه لا ينبغي أي: لا يحل لأحد أن يُجمع بين المرأة وابنتها, ولا بين المرأة وأختها أي: وطأ ونكاحًا في مِلْك اليمين أي: وجدنا في ملك اليمين.
قال عمار بن ياسر: رضي الله عنه ما حَرَّم الله من الحَرَائِر شيئًا إلا وقد حَرَّم من الإِماءِ مثله، إلا أن بفتح الهمزة وسكون النون خفيفة من الثقيلة وضمير الشأن محذوف يجمعهنّ رجل، إلى هنا كلام عمار بن ياسر، ولما كان الجمع مبهمًا بينه قوله: يعني أي: يريد عمار بن ياسر بذلك: أي: بقوله: إلا أن يجمعهن أنه يجمع ما شاءَ من الإِماءِ، أي: في ملك اليمين من غير اعتبار عدد ولو تجاوز عن ألف ولا يحل له فوق أربع حرائر، أي: