للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عباس، أي: كما رواه (ق ٥٧٨) الجماعة إلا البخاري عنه أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الأيم بفتح الهمزة وكسر التحتية المشدودة والميم: امرأة لا زوج لها، سواء كانت بكرًا أو ثيبًا كما قاله محمد الواني في (ترجمة الجوهري). لكن المراد به هنا الثيب وهي أحَقُّ بنفسها، أي: أولى بها من وَلِيِّها، أي: لا تحتاج إلى رضى وليها إذا تزوجت كقولها وهي عاقلة بالغة أحق بالمشاركة أي: أن لها في نفسها في النكاح حقًا ولوليتها حقًا آكد من حقه، كما قاله النووي، وقال عياض: يحتمل من حيث اللفظ أن المراد إنها أحق في كل شيء من عقد وغيره، ويحتمل أنها أحق بالرضى أن لا تزوج حتى تنطق بالإِذن بخلاف البكر، لكن لما صح قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا نكاح إلا بولي" (١) مع غيره من الأحاديث الدالة على اشتراط الولي تعين الاحتمال الثاني أن المراد أحق بالرضا دون العقد، وأن حق الولي في العقد، ودل أفعل التفضيل المقتضى المشاركة أن لوليها حقًا، لكن حقها آكد، وحقها أن لا يتم ذلك إلا برضاها، كذا قاله السيد الشريف محمد الزرقاني (٢).

والبكْرُ أي: البالغ، وفي رواية شعبة عن مالك واليتيمة مكان البكر تُسْتَأمر في نفسها، أي: يطلب وليها إذنها في حق نكاحها تطييبًا لنفسها، سواء كان وليها أباها أو غيرها وإذنها صماتها بضم الصاد المهملة أي سكوتها وفي (المصباح) أن وإذنها صُماتُها" مثل زكاة الجنين زكاة أمه، قوله: والبكر تستأمر في نفسها شاهد للترجمة، وفي هذا الحديث إشعار بأن الزيادة في نصاب الشهود لا تضر بحكم الشهادة، بل تؤكدها في الدعوة كأنها تزكية بالشهود.

قال ابن عبد البر (٣): هذا حديث رفيع المقام، وأصل من أصول الأحكام رواه عن مالك جماعة من الأجلة الفخام، منهم شعبة والسفيان ويحيى بن سعيد القطان وقيل: رواه عنه أبو حنيفة، ولا يصح كما نقله علي القاري عن السيوطي قال القرطبي: هذا منه - صلى الله عليه وسلم - مراعاة لتمام صوتها وإبقاء لاستحيائها؛ لأنها لو تكلمت صريحًا لظن أنها راغبة في الرجال، وذلك لا يليق في البكر، واستحب العلماء أن تعلم أن صماتها إذن، واختلف


(١) صحيح تقدم.
(٢) في شرحه (٣/ ١٦٤).
(٣) في التمهيد (١٩/ ٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>