للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قول مالك في حل البكر هنا على اليتيمة، كما جاء مفسرًا في الرواية الأخرى وحمله على ظاهره، ولو ذات أب لكن على الندب لا للوجوب كما قاله الشافعي وأحمد وغيرهما، وقال الكوفيون والأوزاعي: يلزم ذلك في كل بكر.

ومفهوم الحديث أن ولي البكر أحق بها من نفسها؛ لأن الشيء إذا قيد بالنص أوصافه دل على أن ما عداه بخلافه، فقوله: في الثيب أحق بنفسها جمع نصًا ودلالة، والعمل بالدلالة واجب كوجوبه بالنص وإنما شرع للولي استئذانها تطييبًا لها لا وجوبًا بدليل جعله صماتها إذنها، والصمات ليس بإذن حقيقة وإنما جعل بمنزلة الإذن؛ لأنها قد تستحي أن تفصح، ورواه مسلم عن سعيد بن منصور وقتيبة بن سعد ويحيى التيمي الثلاثة عن مالك به، وأخرجه أحمد والشافعي وأصحاب السنن كلهم من طريق مالك، وتابعه زياد بن سعد عن عبد الله بن الفضل بإسناده بلفظ: "الثيب أحق بنفسها من وليها والبكر يستأذنها أبوها وإذنها (ق ٥٧٩) صماتها"، وربما قال: "وصماتها إقرارها" رواه مسلم، كما قاله الزرقاني.

قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: لا نعمل إلا بما رواه ابن عباس رضي الله عنهما وهو قولُ أبي حنيفة, وذات الأب وغير ذات الأب في ذلك أي: في استئذان البكر البالغة بتزويجها سواء.

وحاصله: أن تزويج البكر البالغة العاقلة بغير رضاها لا يجوز لأحد بحال، وعند الشافعي يجوز للأب والجد تزويجها بغير رضاها صغيرة كانت أو كبيرة، وبه قال مالك في الأب، وهو أشهر الروايتين عند أحمد في الجد، وقال مالك وأحمد في رواية أخرى: لا يثبت ولاية الإِجبار، ولا يجوز لغير الأب والجد تزويج الصغيرة حتى تبلغ وتأذن.

وقال أبو حنيفة: يجوز لسائر العصبات تزويجها غير أنه لا يلزم العقد في حقها فيثبت لها الخيار. كذا قاله علي القاري.

* * *

٥٤١ - أخبرنا مالك، أخبرنا قَيْس بن الربيع الأسَدي، عن عبد الكريم


(٥٤١) إسناده حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>