للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدخلون فيها القدح فيحركونه ليخرج الماء، [فقال] (١): "ما زلتم تبوكونها بوكًا"، قال: أي: المغيرة، كما في (الموطأ): لمالك: فذهبتُ معه، أي: النبي - صلى الله عليه وسلم - بماء، أي: للاستنجاء أو للوضوء وهو الأظهر.

وللبخاري في الجهاد، وغيره: عن مسروق، عن المغيرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يتبعه بالإِداوة، فانطلق حتى توارى عني، فقضى حاجته، ثم أقبل: فتوضأ.

وفي رواية أحمد: أن الماء أخذه المغيرة من أعرابية صبته له في قربة من جلد ميتة، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "سلها، فإن كانت دبغتها فهو طهور"، فقال: أي والله: لقد دبغتها، وفيه قبول خبر الواحد في الأحكام ولو امرأة، سواء كان مما تعم به البلوى أم لا لقبول خبر الأعرابية.

قال: أي: المغيرة كما في (الموطأ) لمالك، أو أي: الرواي، كما فسره علي القاري، فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد قضاء حاجته، فسكَبْتُ أي: صببتُ ماء الوضوء عليه، أي: على يده الشريفة، وتفسير الضمير المذكر باليد المؤنث السماعي باعتبار لفظه، أو باعتبار محل الوضوء، وهذا دليل على جواز صب ماء الوضوء على يد المتوضئ، بل على استحبابه، خلافًا لمن قال بكراهته، بالمشاركة في أمر الطاعة، ويدفع بأنه من باب التعاون على البر، بقدر الاستطاعة، وفي كلمة فسكبت: الفاء، تنبيه على المبادرة إلى البر، وهي للتعقيب، وهو في كل شيء بحسبه، ألا ترى أنه يقال: تزوج فلان فولد له، إذا لم يكن بينهما إلا مدة الحمل.

كذا قاله: ابن هشام، وكذا لم يكن بين خروجه - صلى الله عليه وسلم - بالوضوء، وبين قضاء حاجته إلا مدة المشي، بين الموضع الذي قضى حاجته، وبين الموضع الذي شرع فيه الوضوء.

قال: أي: الراوي، فغسل وجهه، زاد في رواية أحمد: ثلاث مرات، وفي هذه الرواية اختصار؛ فعند أحمد، من طريق عباد بن زياد المذكور، أنه غسل كفيه، وله من وجه آخر قوي، فغسلهما فأحسن غسلهما، وللبخاري في الجهاد: وتمضمض واستنشق، وفي مسلم: فلما رجع أخذتُ، أي: شرعتُ، أهريق على يديه من الإِداوة، وغسل يديه ثلاث مرات، ثم غسل وجهه، ثم ذهب، أي: شرع، وأراد حال كونه يُخْرج يدَيْهِ، أي: من كميه، فلم يستطع، أي: لم يقدر على إخراج يديه، وفي العطف بثم إشعار بأن الموالاة


(١) زيادة يقتضيها السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>