وأما الحِلاق، فنقول به بقول عبد الله بن عمر: إنه ليس بواجب على من لم يحجّ في يوم النحر، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا، أخبرنا نافع، أي: ابن عبد الله المدني، مولى ابن عمر، فقيه، (ق ٦٥٥) ثبت مشهور، كان في الطبقة الثالثة من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات سنة سبع عشرة ومائة، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه ضحّى بفتح الضاد المعجمة والحاء المهملة المفتوحة المشددة، أي: أراد أن يضحي مرة بالمدينة فأمرني أن أشتري له كبشًا فحِيلًا بفتح الفاء وكسر الحاء المهملة وتحتية ساكنة فلام، أي: ذكر لا أنثى، وقيل: هو عظيم الخلق، وقال البوني: ويحتمل أن يريد لا خصي، أقْرَنَ أي: ذا قرنين، قالوا: ويجوز الجماء، وهي التي لا قرن لها؛ لأنه لا يتعلق بها مقصود، لكن قد نهى - صلى الله عليه وسلم - أن الضحي بعصباء الأذن والقرن، رواه أحمد والأربعة والحاكم عن علي - كرَّم الله وجهه - فيحمل على النهي التنزيهي، وكذا لا يجوز الشولاء وهي المجنونة، ثم أذبحه بالنصب عطف اشترى، أي: لأجله يوم الأضحى أي: عيد الأضحى، في مصلى الناس أي: مصلى عيدهم بالمدينة أو غيرها اتباعًا للمصطفى، قال: نافع ففعلت أي: ما أمرني به من الشراء والذبح بالمصلى، ثم حُمِل أي: الكبش المذبوح إليه أي: إلى عبد الله بن عمر كما في (الموطأ) لمالك، فحلق رأسه مقتضى الفاء التعقيبية أن الحلَّاق بعد حمل الكبش إليه والظرف في فقوله: حين ذُبِح بصيغة المجهول كبشه، مجازية؛ لأنها لما وقعت بعدد بقرب كأنها فعلت حينه أو الظرف حقيقة والتجوز في التعقيب، وكان مريضًا لم يشهد العيد صلاته مع الناس، ولعله علة ذبحه في المصلى بدلًا من حصوله بنفسه، فالاستناب في الذبح لا ينافي في أن الأفضل الذبح بيده عن أحسنه، وقدر اتباعًا للفعل النبوي، قال نافع: وكان عبد الله بن عمر يقول: وليس حِلاق الرأس بكسر أوله، أي: حلق شعر رأسه بواجب على من ضحّى إذا لم يحجّ، وقد فعله عبد الله بن عمر، جملة حالية، هذا الحديث موقوف على عبد الله بن عمر حقيقة، ومرفوع حكمًا، لما في (الصحيحين) عن أنس بن مالك رضي الله عنه: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يضحي بكبشين أملحين أقرنين، فذبحهما بنية، وفي (الصحيحين) أيضًا عن ابن عمر رضي الله عنهما، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يذبح وينحر بالمصلى، وفيه استحباب إبراز الإِمام أضحيته بالمصلى، وفيهما دلالة على أن تلك عادته، ففيه أفضلية الضأن في الضحايا، كما قال مالك،