وضرورة أنه - صلى الله عليه وسلم - لا يواضب إلا ما هو أفضل، وحديث البيهقي عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يضحي الجزور أحيانًا، وبالكبش إذا لم يجد الجذور، ضعيف، في سنده عبد الله بن عمر، وفيه مقال، وفيه أن الذكر أفضل من الأنثى؛ لأن لحمه أطيب، وندب التضحية بالأقرن، وأنه أفضل من الأحجم الذي لا قرن له، كذا قاله الزرقاني.
قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: لا نعمل إلا بجميع ما رواه نافع هنا عن ابن عمر، إلا في خصلة واحدة أي: تفهم من الأحاديث من عموم الشيء أنه لا يجوز ما لم يبلغ الشيء مطلقًا، والحال أن نقول: الجَذَع من الضأن إذا كان عظيمًا أجزأ أي: كفى وجاز في الهدي والأضحية، والجذع بفتح الجيم والذال المعجمة المفتوحة فعين مهملة ولد الضأن، جاء عليه أكثر من ستة أشهر، وعن الأزهري أن الجذع من الضأن ما أتى عليه ثمانية أشهر، وهو عند الفقهاء ما تم له ستة أشهر، وذكر الزعفراني أنه ابن سبعة أشهر، وتفسير (ق ٦٥٦) العظيم أنه لو خلط بالثنايا اشتبه على الناظر أنه منها، وبذلك أي: بجواز الجذع جاءَت الآثار، أي: وردت الأخبار، منها ما أخرجه مسلم (١) عن جابر رضي الله عنه مرفوعًا: "لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن"، والخصيّ من الأضحية يجزئ مما يجزئ منه الفحل؛ لأن لحمه أطيب.
وروى أبو داود وابن ماجه من حديث جابر بن عبد الله، وأحمد من حديث عائشة وأبي هريرة وأبي رافع وأبي الدرداء رضي الله عنهما، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذبح يوم النحر كبشين أقرنين أملحين موجودين ثم الذكر من الضأن والمعز أفضل إذا استويا، والأنثى من الإِبل والبقر أفضل إذا استويا، والجواميس كالبقر، والمراد من الهدي ما يُنقل للذبح من النعم إلى الحرم.
وأما الحِلاق، فنقول به بقول عبد الله بن عمر: إنه ليس بواجب على من لم يحجّ في يوم النحر، أي: وأما ما فعله فهو من باب بيان الجواز، وهو أي: ما قاله ابن عمر قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا، أي: من أتبع أبي حنيفة رحمه الله تعالى، قال مالك: الأضحية سُنَّة مؤكدة على كل مقيم ومسافر الحج، وليست بواجبة، أي: بفرض، هذا زيادة في البيان لدفع توهم أن مراده شرعت، فلا ينافي الوجوب فبين المراد والحجة في