إمساك لحوم الأضاحي بعد ثلاث، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما نهيتكم من أجل الدَّافة التي كانت دَفَّت حَضْرَة الأضحى، فكلوا وتصدقوا وادَّخروا".
• أخبرنا مالك, وفي نسخة: محمد قال: بنا، وفي أخرى: ثنا، أخبرنا عبد الله بن أبي بكر، بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري، المدني القاضي ثقة، كان في الطبقة الخامسة من طبقات التابعين، من أهل المدينة، مات سنة خمس وثلاثين ومائة وهو ابن سبعين سنة، عن عبد الله بن واقد، بن الحارث بن عبد الله الحنفي، يُكنى أبا رجاء الهروي الخراساني، وهي بلدة عظيمة في طرف الشرق، كانت في الإِقليم الرابع من الأقاليم السبعة، وعبد الله بن واقد، كان ثقة، وموصوفًا بخصال من الخير، وكان في الطبقة السابعة من طبقات التابعين من أهل خراسان، مات سنة بضع وستين ومائة، أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أخبره: أي: عبد الله بن واقد: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاث، أي: بعد ثلاث ليال، قال عبد الله بن أبي بكر، فذكرتُ ذلك أي: حديث ابن عمر رضي الله عنهما لِعَمْرة بنت عبد الرحمن أي: الأنصارية فقالت: صدق، أي: عبد الله بن واقد، سمعتُ عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها تقول: دفّ بفتح الدال المهملة وتشديد الفاء المفتوحة، أي: أتى ناسٌ من أهل البادية، والدافة الجماعة القادمة، (ت ٦٥٩) قاله ابن حبيب، وقال الخليل: قومٌ يسيرون إلينا، حضرةَ الأضحى بالنصب على الظرفية، أي: وقت الأضحى، في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: أي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ادّخروا بتشديد الدال المهملة وأصله تحروا بالمعجمة من الذخيرة، أي: امكسوا واحبسوا منه لثلاث، أي: لثلاث ليالٍ، كما في النسخة، وتصدَّقوا بما بقي"، وهذا كان أمر للوجوب في سنه محط، فلما كان بعد ذلك أي: في العام المقبل، وقد سألوا: هل يفعلون كما فعلوا العام الماضي؟ قال ابن المنير: كأنهم فهموا النهي ذلك العام كان على سبب خاص، والدافة فإذا ورد العام على سبب خاص حال في النفس من عمومه وخصوصه، هو استحالة، فلما كان مظنته الاختصاص عادوا للسؤال، فبيَّن لهم أنه خاص بذلك السبب، ويشبه أن يستدل بهذا من يقول: إن العام يضعف عمومه بالسبب، فلا يبقى على أصالته ولا ينتهي به إلى التخصيص، ألا ترى أنهم لو اعتقد بقاء العموم على أصالته لما سألوا، ولو اعتقدوا الخصوص لما سألوا، بدل سؤالهم على أنه ذو شانين، وهذا اختيار الجويني، كما قاله الزرقاني.