قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لقد كان الناس ينتفعون في ضحاياهم أي: في الادخار والتزود ويجملون بسكون الجيم وضم الميم، أي: يذيبون منها الودَك، بفتحتين، أي: الشحم، ويتخذون منها أي: من جلود الضحايا الأسفية، جمع السقاء، وهي: أداة الماء، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وما ذلك" أي: أي السبب الذي منعهم من الانتفاع، أو كما قال، شك الراوي أي: في هذا المعنى، ولو كان بخلاف المبنى، قالوا: يا رسول الله نهيتَ أي: نهي تحريم عن إمساك لحوم الأضاحي بعد ثلاث، أي: ثلاث ليال، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما نهيتكم من أجل الدَّافة بالدال المهملة، وبعد الألف فاء ثقيلة، أصله لغة الجماعة، التي كانت دَفَّت حَضْرَة الأضحى، أي: في وقته، فكلوا وتصدقوا وادَّخروا، بتشديد الدال المهملة وكسر الخاء المعجمة، أمر استحباب ورخصة، زاد يحيى: يعني أي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالدافة قومًا مساكين قدموا المدينة، فأراد أن يعينهم، ولذا قالت عائشة رضي الله عنها، وليست بعزيمة، ولكن أراد أن يطعم منها والله أعلم بنيته، وهذا الحديث رواه مسلم من طريق روح بن عبادة، وأبو داود عن القعنبي، كلاهما عن مالك به.
* * *
٦٣٥ - أخبرنا مالك، أخبرنا أبو الزّبير المكي، عن جابر بن عبد الله: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاث، ثم قال بعد ذلك: "كلوا وتزوّدوا وادَّخروا".
قال محمد: وبهذا نأخذ، لا بأس بالادخار بعد ثلاث، والتزوّد، وقد رخّص في ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد أن كان نهى عنه، فقوله الآخِرُ ناسخٌ للأوَّل، فلا بأس بالادّخار والتزوُّد من ذلك، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة.
• أخبرنا مالك، في نسخة: محمد قال: بنا، أخبرنا أبو الزّبير المكي، هو محمد بن مسلم، تدرس بفتح المثناة وسكون الدال المهملة، وضم الراء، الأسدي، مولاهم صدوق، إلا أنه يدلس، كان في الطبقة الرابعة من طبقات التابعين من أهل مكة، مات سنة ستة ومائة، عن جابر بن عبد الله، الصحابي ابن الصحابي، أنه أخبره، أي: أبا الزبير