ولذا زعم ابن معين أنه مرسل، لكن سماع عباد من عويمر ممكن، وقد صرح به في رواية عبد العزيز الدراوردي عن يحيى بن سعيد، عن عباد بن تميم أن عويمر بن أشقر أخبر أنه ذبح قبل الصلاة، وذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ما صلى فأمره أن يعيد أضحيته، وفي رواية حماد بن سلمة عن يحيى بن عباد عن عويمر أنه ذبح قبل أن يصلي فأمره - صلى الله عليه وسلم - أن يعيد، فهاتان الروايتان تدلان على غلط يحيى بن معين، وأن قوله ذلك ظن لم يصب فيه، انتهى ملخصا.
قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: لا نعمل إلا بما رواه يحيى بن سعيد عن عباد بن تميم إذا كان الرجل في مصر يصلي فيه العيد أي: صلاته فيه صفة كاشفة، فذبح قبل أن يصلي الإِمام فإنما هي أي: المذبوحة شاة لحم، أي: لا قربة، ولا تجزئ بضم المثناة، وسكون الجيم، وكسر الزاي، وسكون التحتية، أي: لا تكفي الشاة من الأضحية، لما أخرجه الشيخان عن البراء بن عازب قال: ضحى خالي أبو بردة قبل الصلاة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تلك شاة لحم"، فقال:"ضحي بها ولا تضح لغيرك، من ضحى قبل الصلاة فإنما ذبح لنفسه، ومن ذبح بعد الصلاة فقد تم نسكه، وأصاب سنة المسلمين"، ومن لم يكن في مصر (ق ٦٦٣) أي: يصلي فيه، وكان في بادية عطف تفسيري أو نحوها من القرى النائية أي: البعيدة عن المصر أي: جنسه احتراز من القرى التي في فناء مصر، فإن حكمها كحكمه، فإن ذبح حين يطلع الفجر أي: الفجر الثاني، أو حين تطلع الشمس وما بعده أجزأه، وأو للتخيير، والأفضل هو الأخير للمشابهة بأهل المصر.
والحاصل: أن يغير ذبح الأضحية عن الصلاة في حق من عليه صلاة العيد، وهو المصري دون أهل السواد؛ لأن التأخير لاحتمال التشاغل عن الصلاة، ولا معنى له في حق القروي، إذ لا صلاة عليه، وهو قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى، وذهب مالك والشافعي والأوزاعي أنهم لا يجوزونها بعد الصلاة، وقبل ذبح الإِمام لأهل المصر، لحديث مسلم عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى يوم النحر بالمدينة فسبقه رجال وظنوا أنه قد نحر، فأمره - صلى الله عليه وسلم - "من كان نحر قبله أن يعيد بنحر آخر، ولا ينحر حتى ينحر"، وقال الحسن في قوله تعالى في سورة الحجرات:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}[الحجرات: ١]، نزلت في قوم ذبحوا قبل النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمرهم أن يعيدوا، أخرجه ابن المنذر، لكن هذا من خصائص النبي - صلى الله عليه وسلم -، لما يدل عليها هذه الآية، وجوز أبو حنيفة والليث والثوري الذبح بعد