للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحاء المهملة، وضم النون، فواو ساكنة، ثم ذال معجمة، أي: مشوي بالحجارة المحماة بالنار، ومنه قوله تعالى في سورة هود: {بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} [هود: ٦٩]، فأهْوى بفتح الهمزة وسكون الهاء وفتح الواو فتحتية، أي: مد إليه أي: إلى الضب المشوي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكم يده أي: ليأخذه فيأكله، فقال بعض النسوة التي، وفي نسخة: اللاتي كنّ في بيت ميمونة أي: لم يسم النسوة، والقائل ميمونة، كما في مسلم وغيره: أخبروا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما يريد أن يأكل منه، والمعنى: سموه باسمه لمعرفة حكمه، فقيل: أي: بعضهن: هو ضبّ، ولفظ مسلم من طريق ابن الأصم عن ابن عباس، فقالت ميمونة: يا رسول الله إنه لحم ضب، فرفع يده، أي: امتنع من أكله، قال خالد: فقلتُ: أحرامٌ هو؟ أي: حيث امتنعت من أكله؟ قال: "لا، أي: ليس بحرام، ولكنه أي: الضب لم يكن بأرض قومي؛ أي: من الحجاز الذي يسكنه قريش، فأجدُني أي: نفسي وطبعي أعافه"، بفتح الهمزة وضم الفاء، أي: أكرهه، ومعنى الاستدراك هنا تأكيد الخبر، كأنه لما قال: "ليس بحرام" قيل: ولم لا تأكله أنت؟ قال: "لأنه لم يكن بأرض قومي"، والفاء للسببية في فأجدني، قال: أي: خالد بن الوليد، كما رواه ابن بكير بن الأشج عن مالك: فاجْتَرَرْتُه، بجيم ساكنة ففوقية فراء مكسورة، أي: جررته فأكلتُ، وفي نسخة: فاجتذبته فأكلته، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينظر، فاجتمع فيه الدليل القولي والتقريري على جواز أكله خلافًا لقول صاحب (الهداية) من الحنفية يكره لنهيه - صلى الله عليه وسلم - عائشة لما سألته عن أكله، لكنه ضعيف فلا يُحتج به، وحكى عياض تحريمه عن قوم، قال النووي: وما أظنه يصح عن أحد.

قال أبو عمر ابن عبد البر: فيه أن - صلى الله عليه وسلم - لا يعلم الغيب، وإنما يعلم منه ما يظهره الله عليه، وأن النفوس تعاف ما لم تعهد، وحل الضب؛ وأن من الحلال ما تعافه النفس، وأن الحرمة والحل ليسا مردودين إلى الطباع، وإنما الحرام ما حرمه الكتاب والسنة، وكان في معنى ما حرمه أحدهما، قال: ودخول خالد وابن عباس (ق ٦٧١) بيت ميمونة، وفيه النسوة كان قبل نزول الحجاب. انتهى.

وليس يلازم أن يجوز أنه وبعده وهن مستترات، وأما ميمونة فخالة ابن عباس، وخالد بن الوليد. انتهى.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>