الشافعي، لما في الصحيح:"وإن أكل فلا تأكل فإنما أمسك على نفسه"، ورخص بعضهم في أكله، منهم ابن عمر وسلمان الفارسي، وسعد بن أبي وقاص، وبه قال مالك لما رُوي عن أبي ثعلبة الخشني، أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أرسلتَ كلبك وذكرت اسم الله فكل وإن أكل منه"، ويشترط عند علمائنا الجرح في أي موضع كان لتحقق الذكاة الاضطرارية، ولتحقق التسمية بالجوارح، وإن كانت بمعنى الكواسب، وعن أبي حنيفة وأبي يوسف أنه لا يشترط، وروى الحسن بن زياد عنهما لإِطلاق قوله تعالى في سورة المائدة:{فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ}[المائدة: ٤]، هذا إذا أكل الكلب المعلم من الصيد، قال أبو حنيفة - رحمه الله: لا يحل وما صاده قبل ذلك، وقال مالك: يحل، وللشافعي قولان: أحدهما كمالك، والثاني كأبي حنيفة، وهو الراجح، وبه قال أحمد، وجارحة الطير في الأكل كالكلب، وبه قال الثلاثة، وقال أبي حنيفة: لا يحرم ما أكل منه، والله أعلم، كذا قاله علي القاري.
قال جلال الدين السيوطي في (أولياته): من صاد من الملوك وعلم الكلاب وعلم الطير الصيد، واتخذ السروج وقوانين الملوك، وهو: شيخ شاة، وهو القهرمان الأول من بني آدم، وهو المسمى مراد عند الفارس، وهو تلميذ إدريس عليه السلام، وصاحب دعوته على دينه، قصر عفاريت الجن وكان حكيمًا عالمًا بطبائع الأشياء، وعلم المستخير، وهو من حراس الملوك الأول. انتهى. قال الحلواني: للفهد خصال حميدة، فينبغي للعاقل أن لا يجاهر عدوه بالخلاف، ولكن يترصد الفرصة مقصودة من غير إتعاب نفسه، ومنها أنه لا يعدو خلف صاحبه ولا يعطيه حتى يرتبه خلفه، كأنه يقول: صاحبي هو المحتاج إليَّ فلا أذل نفسي، وهكذا ينبغي لكل عاقل أن لا يذل نفسه فيما يفعله لغيره، ومنها أنه لا يتعلم بالضرب، ولكن يضرب الكلب بين يديه إذا أكل من الصيد فيتعلم بذلك، وهكذا ينبغي لكل عاقل أن يتعظ بغيره، كما قيل: السعيد هو من اتعظ بغيره، والشقي من اتعظ منه غيره ولا يتعظ هو بما علمه للناس، ومنها أنه لا يتناول الخبث من اللحم، وإنما يطلب من صاحبة اللحم الطيب، وهكذا ينبغي لكل عاقل أن لا يتناول إلا الطيب، ومنها أنه يثب ثلاثًا وخمسًا، فإن لم يتمكن أي: وإن لم يقدر (ق ٦٨٣) على أخذه تركه، ويقول: لا أقتل نفسي فيما أعمل لغيري، وهكذا ينبغي لكل عاقل أن لا يلقي نفسه للهلاك لغيره، كذا قاله الزيلعي في (شرح الكنز).