للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضمرة بن سعيد بن أبي حنة بمهملة ثم نون، وقيل بموحدة، الأنصاري ثقة، كان في الطبقة الرابعة من طبقات كبار التابعين، من أهل المدينة جل روايتهم، كذا قاله في (تقريب التهذيب)، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ عن العقيقة، قال: "لا أحب العقوق"، بضمتين، أي: العصيان وترك الإِحسان، وأصله مخالفة الولد بوالديه وأحدهما بما يؤذيهما، فكأنه أي: النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما كره الاسم، أي: لا مسماه الذي هو ذبح واحدة تجزئ عن أضحية لنصه عليها في عدة أحاديث، وقد تقرر في علم الفصاحة الاحتراز عن لفظ يشترك فيه معنييان: أحدهما مكروه فجاء به مطلقًا، وقال: أي: النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ وُلِدَ على بناء المفعول لَهُ وَلَدٌ أي: ذكر أو أنثى، فأحبَّ أن يَنْسُكَ بضم السين من باب نصر أي: أن يتقرب إلى الله تعالى بذبح حيوان عن وَلَده أي: لولادة ولده وكلمة "عن" للتعليل، قال تعالى في سورة هود: {وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ} [هود: ٥٣]، أي: لقولك، يعني: قال قوم هود صلوات الله على نبينا وعليه حين قال هود لقومه: {وَيَاقَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ (٥٢) قَالُوا} [هود: ٥٢، ٥٣]، أي: قوم هود: {يَاهُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ}، أي: حجة واضحة على قولك، {وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ}، أي: نترك عبادة آلهتنا لقولك هذا، {وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ}، أي: بمصدقين بأنك رسول الله، كذا في (عيون التفاسير)، فليفعل، أي: فليذبح ضحية، هذا حديث مرسل؛ لأنه رفعه ضمرة بن (ق ٦٨٤) سعيد التابعي إليه - صلى الله عليه وسلم -، وكان ما دفعه التابعي إليه مرسل، فهذا الحديث مرسل، وهذا الأمر إباحي؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - علق الذبح بالمشيئة، حيث قال: "مَنْ وُلِدَ له ولد فأحب أن ينسك"، ولا يخفى أن الميتة تنفي الفرضية دون السنية، قال في كتاب (الرحمن في اختلاف الأئمة): إن العقيقة سنة مشروعة عند مالك والشافعي، وقال أبو حنيفة: هي مباحة، ولا أقول: إنها مستحبة، وعن أحمد روايتان، أشهرهما أنها سنة، والثانية أنها واجبة، واختارها بعض أصحابه، ولفظ حديث عمرو بن شعيب: "مَنْ أحب أن ينسك عن ولده فليفعل عن الغلام شاتين، وعن الجارية شاة"، وروى الترمذي (١) مرفوعًا: "عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاة"، وقال: حديث حسن صحيح، ولا يمس رأس المولود بدم العقيقة اتفاقًا، وقال الشافعي


(١) الترمذي (٤/ ٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>