• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا، أخبرنا ابن شهاب، عن سعيد بن المسيَّب، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى أي: حكم في الجنين أي: جنسه أو في فرد منه وقيس عليه غيره يُقتل في بطن أمه جملة حالية أو صفة، كما قيل بهما في قوله تعالى في سورة الجمعة:{كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا}[الجمعة: ٥]، وفي قول الشاعر:
ولقد أمر على اللئيم يسبني ... . . . . . . . . . . . .
والمقتول في بطن أمه، سواء كان ذكر أو أنثى أو خنثى، ولو مضغة أو علقة أو ما يعلم أنه ولد عند مالك بغُرَّةٍ أي: بالتنوين متعلق بقضى، وهي بضم العين المعجمة وتشديد الراء المهملة المفتوحة خيار المال كالفرس والبعير والنجيب والعبد والأمة الفارهة، كذا في (المغرب)، عبد أو وَلِيدةٍ، أي: جارية، وهما مجروران على أنهما عطفا بيان بغرة أو يدلان عنها، ورويا بالرفع بتقدير هي عبد أو وليدة، يعني المراد بالغرة التي تكون دية الجنين عبد أو جارية يساوي كل منهما خمسين دينارًا أو ستمائة درهم، وهي نصف عشر الدية أم الجنين إن كان الجاني من أهل الذهب والفضة، وإن كان من أهل الإِبل فخمسة من الإِبل، وإن كان من أهل الغنم فمائة من الشاة، فهو نصف عشر الدية الكاملة كما سيأتي في الحديث الثاني من هذا الباب، فقال الذي قُضِي عليه: بصيغة المجهول، وفي نسخة بصيغة الفاعل وهو عليه السلام، وفي رواية البخاري فقال: ولي المرأة التي غرت، بضم الغين المعجمة وفتح الراء الثقيلة التي قضى عليها بالغرة ووليها هو ابنها مسروج، ورواه عبد الغني، والأكثر إذ القائل زوجها جملة ابن النابغة الهذلي، وللطبراني أنه عمران بن عويمر أخو مليكة، قال الحافظ: فيحتمل تعدد القائلين، فإسناد هذه صحيح أيضًا. انتهى، وفيه دلالة قوية لقول مالك وأصحابه وأصحابهما؛ لأن المفهوم من اللفظ إذن المقضي عليه واحد معين، وهو الجاني، إذ لو قضى بها على العاقلة يقبل، فقال الذي قضي عليهم: وفي القياس إن كان جان جنايته عليه، إلا بدليل معارض له كل إجماع أو السنة، وقد قال تعالى في آخر سورة البقرة:{لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ}[البقرة: ٢٨٦]، وقال في سورة فاطر:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[فاطر: ١٨]، كما قاله الزرقاني. كيف أغرم أي: بأي حال أعطي غرم من لا شرب أي: لبنًا ولا ماء، ولا أكل ولا نَطَق ولا استهلّ، أي: لا صاح ولا تصوت عند الولادة؟، وليحيى بن بكير ما شرب، فإن قيل: لم اختار المصنف رواية من لا شرب ولا أكل إلى آخره، ولم يختر رواية ما لا