شرب ولا أكل مع أنها كلمة تستعمل في الجمادات وفي غير ذوي العقول، وكلمة من تستعمل في الإِنسان وذوي العقول؟ (ق ٧٠٠) أجيب: اختيار رواية من لا شرب إثباتًا بمذهب الحنفي، وجواب على المذهب المالكي، فإن عندهم الآية ثابتة، لما خرج من بطن أمه ولو كان مضغة أو علقة، حيث قال خليل بن إسحاق المالكي: وفي الجنين وإن علقة عشر أمة، وأما عندنا فلا دية في الجنين إلا في الجنين الذي استبان بعض خلقه، فإنه بمنزلة الجنين التام في جميع الأحكام، لإِطلاق أن النفس بالنفس، ولأنه ولد في أمومية الولد، كذا في (الهداية)، ومقتضى الظاهر أن كيف أعزم من لم يشرب ولم يأكل وعدل عنه وعبر بالماضي تنبيهًا على تحقق وقوعه نحو:{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ}[الزمر: ٦٨]، بمعنى: يصعق، ومثل ذلك أي: المقتول يُطلّ، بفتح التحتية وفتح الطاء المهملة وتشديد اللام أي: يهدر ويلغي ويبطل، وفي نسخة: بطل بفتح الموحدة وطاء مهملة مفتوحة ولام مخففة من البطلان، فقال أي: الراوي: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما هذا أي: القائل المسجع بالهذيان المخالف لحكم القرآن، من إخوان الكهّان"، بضم الكاف وتشديد الهاء وبعدها ألف ونون، جمع الكاهن، أي: واحد منهم وهو الذي يخبر عن الكوائن في مستقبل الزمان، ويدَّعي معرفة الأسرار ومطالعة علم الغيب، كذا قاله السيد الشريف محمد الجرجاني الحنفي، وهو ضال عن الطريق المستقيم، ومضل الناس عنه. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أتى كاهنًا فصدَّقَهُ بما يقول، فقد كفر بما أُنْزِلَ على محمد"، رواه البخاري عن أبي هريرة، فإن معرفة الأسرار والغيب مقصورة إلى الله تعالى، وروى أبو داود (١) في (سننه) عن المغيرة بن شعبة: أن امرأتين كانتا تحت رجل من هذيل فضرب إحداهما إلى الأخرى بعود فقتلها، فاجتمعوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال أحد الرجلين: كيف ندي أي: يغطي من لا صاح عند الولادة ولا أكل ولا شرب، فقال: أسجع كسجع الأعراب، فقضى فيه غرة فجعلته على عاقلة المرأة. وأخرجه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وتجب في سنة عندنا، وفي ثلاث سنين عند الشافعي، فإن قيل: لم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما هذا من إخوان الكهان"؟ لمشابهة كلام الرجل الذي قال: كيف أغرم من لا شرب ولا أكل كلام الكهان فىِ سجعه دفع ما أوجبه - صلى الله عليه وسلم -.