٥٤ - أخبرنا مالك، حدثنا نافع، أن ابن عمر كان إذا اغتسل من الجنابة أَفْرَغَ على يده اليُمْنى؛ فغسلها، ثم غسل فَرْجه، ومَضْمَضَ واستنثر، وغسل وجهه، وَنَضَحَ في عينه، ثم غسل رأسه، ثم غسل يدهُ اليمنى، ثم اليسرى، ثم اغْتَسَلَ، وأفَاضَ الماء على جِلْدِهِ.
قال محمد: وبهذا كلِّه نأخُذُ، إلا النَّضْحَ في العينين، فإن ذلك ليس بواجب على الناس من الجَنابَة، وهو قولُ أبي حنيفة ومالك بن أنس والعامَّةِ.
• محمد قال: كذا في نسخة، أخبرنا مالك، قال: ثنا، كما في نسخة رمزًا إلى حدثنا، نافع: أن ابن عمر كان إذا اغتسل من الجنابة، أي: من أجلها أو سببها، أَفْرَغَ، أي: صب، الماء على يده اليُمْنى؛ فغسلها، أي: مع اليسرى، ثم غسل فَرْجه، أى: استنجا بيساره، ومَضْمَضَ، أي: بيمينه، وفي نسخة: تمضمض واستنشق، أي: أخذ الماء بفمه وجذبه بأنفه بيمينه، واستنثر، إلا أنه يستنثر بيساره، وهما، أي: المضمضة والاستنشاق: سنتان في الغسل، عند مالك والشافعي.
قال أبو حنيفة: هما فرضان في الغسل.
وقال أحمد: هما واجبان في الغسل والوضوء.
فإن قيل: إذا كان القرآن تبيانًا لكل شيء من (الدين)، فمن أين وقع بين الأئمة في الأحكام الشرعية، هذا الخلاف الطويل العريض، يقال: إنما وقع لأن كل شيء يحتاج إليه من أمور الدين ليس مبينًا في القرآن نصًا، بل بعضه مستنبط بيانه، بالنظر والاستدلال وطرق النظر والاستدلال مختلفة، وقع خلاف بينهم كما في (خواتم الحكم).
وغسل وجهه، وَنَضَحَ أي: رش، الماء في عينه، أي: على عينيه، كما في قوله تعالى:{وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ}[طه: ٧١]، أي: جزوعه، ويدل على هذا المعنى لفظ نضح، بمعنى: رش وصب، وهو لا يقتضي دخوله فيهما، وأما (ق ٥٩) إن كان لفظ "في" بمعنى الظرف، كما فسره الفاضل بن سلطان محمد الهروي، ونضح، أي: رش الماء في عينيه، أي: داخلها ففيه حرج.