قال ابن عبد البر: لم يتابع ابن عمر على النضح في العينين أحد في إدخال الماء في العينين، وقال: له شدائد حمله عليها الورع، وقيل: داخل العينين يوجب العمى، انتهى.
قال التمرتاشي في (المنح): لكن أسقط مالك بن أنس غسل داخل العينين، لما فيه من الحرج؛ لأن العين شحم، لا يقبل الماء، وقد كف بصر من تكلف من الصحابة كابن عمر وابن عباس، ولهذا لا نغسل العين، إذا اكتحل بكحل نجس، انتهى.
ثم غسل رأسه، ثم غسل يدهُ اليمنى، ثم اليسرى، أي: مع مرفقيهما، ثم غسل رأسه في الأحاديث المشهورة، أنه يمسح رأسه، ثم يغسل رجليه، لكن لا في المستنقع، بأن يكون على لوح أو حجر، إلا فيؤخر غسلهما إلى بعد الغسل، ثم اغتسل وأفَاضَ الماء أي: صبه، على جِلْدِهِ، أي: على جميع أعضاء بشرته وأجزائه، وكل ما في هذا الباب يرجع لواحد وهو عموم الماء بما أمكن من الجسد بلا حرج.
ولكن ابن عمر، رضي الله عنهما عمل ما في هذا الباب على الانفراد لتعليم الناس كما قال الفقهاء الحنفية: يبدأ من أراد الاغتسال أولًا برأسه، ثم جنبه الأيمن، ثم طرفه الأيسر.
وقيل: يبتدأ باليمين، ثم باليسار، ثم بالرأس.
قال محمد: وبهذا كلِّه أي: بكل ما ذُكِرَ في الحديث من الأحكام نأخُذُ، أي: نعمل مع أصحاب أبي حنيفة، إلا النَّضْحَ، أي: لا نعمل ولا نفتي بالغسل في داخل العينين، والاستثناء متصل، فإن ذلك، أي: النضح في العينين، ليس بواجب على جميع الناس في الجنابة، أي: كما أن غسل داخل العين ليس بفرض في الوضوء، ولا سنة فيه، ولا في الجنابة، بل يجب على من لف بعض جلد أشفار عينيه على بعض، لأجل كبر سنه، وعدم شحمه ولحمه إيصال الماء إلى تحت الجلد الملفوف، والذي لا يصل الماء بالصب والرش إلى ما تحته، حتى يدلكه كمن يغتسل من الجنابة، ولا يصل الماء إلى داخل سرته من كثرة شحمه ولحمه، فيجب عليه أن يدلكهما؛ ليصل الماء إلى داخل جلد سرته؛ لأنه من خارج الجسد ولا حرج في غسله.
وكذا يفترض غسل داخل قلفة الأقلف لا عسر في فسحها، أي: وسعها على الصحيح كما في (مراقي الفلاح) للشرنبلالي.