عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذَكَرَ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وقد بين النسائي سبب ذلك عن طريق ابن عوف عن نافع، قال: أصاب ابن عمر جنابة فأتى عمر فذكر ذلك له، فأتى عمر النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستأمره، فقال: ليتوضأ، ويرقد، وعلى هذا فالضمير في قوله أنه يصيبه، يرجع لابن عمر، وعدل عن مقتضى الظاهر، وهو أن يقول إنه قد أصابه الجنابة، أي: في الليل لإِحضار حال ابنه عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويحتمل أن تكون "من" في الليل لابتداء الغاية في الزمان، أي: ابتداء إصابة الجنابة الليل، كما قيل في قوله تعالى:{مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ}[التوبة: ١٠٨].
قال: أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: توضأ، أي: يا عبد الله، هذا كان عبد الله بن عمر حاضرًا عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فوجه الخطاب إليه، ويحتمل أن يكون الخطاب لعمر بن الخطاب، في غيبة ابنه جواب الاستفتاء، ولكن يرجع إلى ابنه؛ لأن استفتاء عمر إنما هو لأجل ابنه.
ثم اغْسِلْ ذَكَرَك ونَمْ بفتح النون: أمر من باب علم، أي: ارقد، والأمر في هذه الثلاثة للندب كما في قوله تعالى:{وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا}[المائدة: ٢].
وقالوا: ثم للجمع لا للترتيب، عند أبي حنيفة، رحمه الله، كما في رواية أبي نوح عن مالك:"اغسل ذكرك ثم توضأ".
لذا قال أبو عمر: هذا من التقديم والتأخير، أي: إن أردت اغسل وتوضأ ونم.
قيل: حكمته ينشط للعود بالجماع، أو إلى الغسل إذا بل أعضاؤه، وقيل: المبيت على إحدى الطهارتين، خشية أن يموت في منامه.
وقد روى الطبراني في (المعجم الكبير) بسند لا بأس به: عن ميمونة بنت سعد، قالت: قلت: يا رسول الله: هل يأكل أحدنا وهو جنب؟ قال:"لا يأكل حتى يتوضأ". قلت: يا رسول الله، هل يرقد الجنب؟ قال:"ما أحب أن يرقد وهو جنب حتى يتوضأ، فإني أخشى أن يتوفى فلا يحضر جبريل".
وفي الحديث: أن غسل الجنابة ليس على الفور، وإنما يتضيف عند القيام إلى الصلاة، واستحباب التنظيف عند النوم.
قال ابن الجوزي: وحكمته: أن الملائكة تبعد عن الوسخ والريح الكريهة، بخلاف الشياطين، فإنها لا تقرب من ذلك.