للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحدة، وقال أحمد وابن أبي ليلى: لا يختلف اختلاف مجالس المقر، والأدلة مبسوطة، وسيأتي بعضها مضبوطة، فإن قيل له: أمرنا بالرجم للمحصن دون غيره؟

فالجواب: قيل: لأن فعله فعل الحمير والكلاب، وهن تضرب بالحجارة والخشب؛ لأنه لما تزوج وامتثل أمر الله تعالى حصلت له الكرامة ونشر الشكر عليه، كذلك خالف أمر الله تعالى فينشر الحجارة عليه إهانة له، وقال بعض العلماء: إنما واجب الرجم على المحصن؛ لأنه لما تزوج ذاق طعم الغيرة، وعلم مقدار حرزها، فالإِقدام على الزنا مع علمه على قبحه وما يترتب عليه من الغيرة في أهل أوجب عليه الرجم، لأنه فعل مع الناس ما لا يجب أن يفعل، وأما الذي لم يتزوج فلم يعرف مقدار الغيرة، فوجب عليه الحد بمائة جلدة خاصة، لكنه فيه تنبيه إلى أن ذنب العالم أقبح من ذنب الجاهل، وكذلك عقاب العالم الغير عامل أشد من عقاب الجاهل، قال الله تعالى في سورة الزمر: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر: ٩]، أي: لا يستوي القانتون والعاصون، كذا في (خواتم الحكم)، و (عيون التفاسير).

* * *

٦٩٣ - أخبرنا مالك، حدثنا يحيى بن سعيد، أنه سمع سعيد بن المسيَّب يقول: لما صدر عمر بن الخطاب من منى أناخ بالأبطح، ثم كَوَّم كَوْمة من بطحاء، ثم طرح عليها ثوبه، ثم استلقى ومدّ يده إلى السماء، فقال: اللهم كَبُرَت سني، وضعفت قوتي، وانتشرت رعيتي، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفرّط، ثم قدم المدينة فخطب الناس فقال: يا أيها الناس: قد سُنَّت لكم السُّنن، وفُرضت لكم الفرائض، وتُرِكتم على الواضحة - وصفَّق بإحدى يديه على الأخرى - ألا أن لا تضلوا بالناس يمينًا وشمالًا، ثم إياكم أن تهلِكوا عن آية الرجم: أن يقول قائل: لا نجد حدَّين في كتاب الله، فقد رجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجمنا، وإني والذي نفسي بيده، لولا أن يقول الناس زاد عمر بن الخطاب في


(٦٩٣) إسناده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>