للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكره في فرجها، مثل الميل في المكحلة، فأمر بهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَرُجِمَا، زاد في رواية للشيخين: عند البلاط، وهو مكان عند السوق والمسجد النبوي، قال ابن عمر رضي الله عنهما: فرأيت الرجل يحنأ بفتح التحتية وإسكان المهملة فنون مفتوحة فهمزة، أي: يميل على المرأة، قوله: يقيها الحجارة، جملة حالية أو استئنافية مبنية، أي: يقيها عنها، وليحيى: يحني على المرأة بسكون الحاء المهملة فكسر النون بعده تحتية ساكنة، وقال يحيى: سمعتُ مالكًا يقول: معنى يحني: يكب عليها حتى تقع عليه الحجارة دونها، وقال ابن عبد البر: أكثر شيوخنا قالوا: عن يحيى: يحني بالحاء، وقال بعضهم: بالجيم، والصواب فيه عند أهل العلم يجنأ بالجيم، والهمزة، أي: يميل عليها من جنأ عليه، إذا مال عليه وعطف إليه، وفي (القاموس): حنى عليه كفرح وجعل وأكب، وحنت على ولدها عطفت، كما حنت، فتفسير الإِمام مالك يناسب مادة الجيم والهمزة.

قال الزرقاني: وظاهر الحديث أن الإِسلام ليس شرطًا فلا يرجم كافر، وأجابوا عن الحديث بأنه - صلى الله عليه وسلم - إنما رجمهما بحكم التوراة، تنفيذًا للحكم عليهم بما في كتابهم وليس هو من حكم الإِسلام في شيء، وهو فعل في واقعة حال عينية محتملة لا دلالة فيها على العموم في كل كافر. انتهى.

قال محمد: وبهذا كله نأخذ، أي: لا نعمل إلا بما رواه نافع على العموم عن عبد الله بن عمر، أيّما رجل مسلم زنى بامرأة أي: حرة مسلمة، وقد تزوج أي: ولو مرة قبل ذلك، أى: الزنا بامرأة حرّة مسلمة وجامعها أي: حقيقة ليكون حجة عليه، حيث عرف طريق الحال، فعليه الرجم، وهذا هو المحصن، أي: شرعًا، فإن كان لم يجامعها أي: بعد تزوجها إنما تزوجها ولم يدخل بها أي: مطلقًا، أو دخل بها لكن لم يجامعها، أو كانت تحته أمة أو يهودية أو نصرانية لم يكن بها محصنًا ولم يُرجم، وضرب مائة، أي: مائة جلدة لقوله تعالى في سورة النور: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: ٢]، والمراد بهما البكران، والحديث رواه أصحاب الكتب الستة مختصرًا أو مطولًا من حديث ابن عمر، وهذا كله قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا.

فإن قيل: لم جلد البكر مائة جلدة؟

الجواب: قال النيسابوري: لأن السنة ثلاثمائة وستون يومًا، يذهب منها في الحيض في كل شهر عشرة أيام، فيكون مائة وعشرين يومًا، والنفاس أربعين يومًا، فيبقى

<<  <  ج: ص:  >  >>