للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موافق لما عندنا، قال النووي: قال العلماء: وهذا السؤال لا لتقليدهم ولا لمعرفة الحكم منهم، وإنما هو لإِلزامهم بما يعتقدونه في كتابهم الموافقة لحكم الإِسلام، إقامة الحجة عليهم وإظهار لما كتبوه، وبدلوه من حكم التوراة، فأرادوا تعطيل نصها ففضحهم الله، وذلك إما بوحي من الله تعالى إليه، أنه موجود في التوراة، ولم يغير، وإما بإخبار من أسلم منهم كعبد الله بن سلام، فقالوا: نفضحهما بفتح النون وسكون الفاء وفتح الضاد المعجمة والحاء المهملة من الفضيحة، أي: لكشف مساويهما ونبينهما للناس، ويُجلدان، بفتح أوله وفتح ثالثه مبنيًا للمفعول، أي: يُضربان بالجلد مائة.

والحاصل أثبتوا لهما الجلد، وأنكروا الرجم، فقال لهم عبد الله بن سلام، وهو من أحبار اليهود ومن ذرية يوسف بن يعقوب، حليف الخزرج له أحاديث وفضل، وشهد له النبي - صلى الله عليه وسلم - بالجنة، مات سنة ثلاث وأربعين بعد الهجرة: كذبتم أي: في مقولتكم إن فيها أي: ثبت في التوراة آية الرجم، أي: على الزاني المحصن، وفي رواية للشيخين، فقال عبد الله بن سلام: ادعهم يا رسول الله بالتوراة، فأتى، وفي رواية أيوب قال: أي: النبي - صلى الله عليه وسلم -: فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين، فأتوا بفتح الهمزة والفوقية بالتوراة، فنشروها أي: ففتحوها وبسطوها، زاد في رواية أيوب فقالوا: الرجل ممن رضون يا أعور اقرأ، فجعل أي: فوضع أحدهم هو عبد الله بن صور اليهودي الأعور يده على آية الرجم، ثم قرأ ما قبلها وما بعدها، وهذا يدل على أنهم ما حرفوها وأبقوها على حالها، إلا أنهم كانوا ينحرفون عن العمل بها، فقال له عبد الله بن سلام، بفتح السين وتخفيف اللام، أي: لمن وضع يده عليها: ارفع يدك أي: عنها، فرفع يده، فإذا فيها أي: في التوراة آية الرجم، أي: موجودة تحت يده، كما في رواية للشيخين، فقالوا: أي: اليهود، وليحيى: صدق، أي: عبد الله بن سلام، وفي نسخة: صدقت يا محمد، فيها أي: موجودة في التوراة آية الرجم، زاد في رواية أيوب: ولكننا نكاتمه بيننا، وفي رواية البزار: قال - يعني النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فما منعكم أن ترجموهما؟ " قالوا: ذهب سلطاننا فكرهنا القتل، زاد في حديث البراء بن عازب: نجد الرجم، ولكنه كثر في أشرافنا فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه، وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد، فقلنا: تعالوا نجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع، فجعلنا (ق ٧٣١) التحميم، أي: تقبيح الوجه والجلد، مكان الرجم.

ولأبي داود عن جابر: فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالشهود في أربعة فشهدوا أنهم رأوا

<<  <  ج: ص:  >  >>