للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال يحيى: فحدثت بهذا الحديث في مجلس فيه يزيد بن نُعيم بن هَزَّال، فقال يزيد: هَزَّال جدّي، والحديث حقّ.

قال محمد: وبهذا كله نأخذ، لا يُحدّ الرجل باعترافه بالزنا حتى يُقرّ أربع مرات في مجالس مختلفة، وكذلك جاءت السنة، لا يؤخذ الرجل باعترافه على نفسه بالزنا حتى يُقر أربع مرات، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا، وإن أقرّ أربع مرات ثم رجع، قُبِلَ رجوعه وخُلِّي سبيله.

• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا، أخبرنا يحيى بن سعيد، وقد سبق بيان طبقته آنفًا أنه بلغه، أي: أنه قال: بلغني، كما في (الموطأ) لمالك، برواية يحيى قال مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب، أنه قال: بلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لرجلٍ من أسلم بفتح الهمزة وسكون السين المهملة وفتح اللام والميم، قبيلة قال فيها: "أسلم سلمها الله" يُدْعَى أي: يُسمى هزَّالًا، بفتح الهاء والزاي المفتوحة المشددة ابن يزيد الصحابي، وفي رواية النسائي أن هزالًا كانت له جارية وأن ماعزًا وقع عليها، فقال: انطلق فأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فعسى أن ينزل فيك قرآن، فانطلق فأخبره، فأمر به فرجم، وفي هذه الرواية دليل على أن الإِحصان ليس شرطًا في الرجم عند الشافعي وأحمد، لكن أجيب منها من جانب الحنفية والمالكية بأن الجارية التي وقع عليها ماعز بن مالك، كانت قد أعتقها سيدها هزال، وأنكحها إلى مسلم حر فوطئها، وكان الزاني والزانية محصنين، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يا هزَّال، لو سترته بردائك وهو كناية عن إخفاء أمره وقيده بالرداء اهتمامًا بأمر الستر، كان أي: سترك خيرًا لك"، من أمرك لماعز بن مالك بإخباري، لما في الستر على المسلم من الثواب الجزيل.

روى مسلم وأبو داود والترمذي عن أبي هريرة (١) رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ نَفَّسَ عن مسلمٍ كربة من كرب الدنيا نَفَّسَ الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومَنْ يَسَّرَ على مُعسرٍ في الدنيا يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن سترَ على مسلمٍ في الدنيا ستر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه"، كذا أورده الإِمام المنذري في (الترغيب والترهيب).


(١) أخرجه مسلم في الذكر (٣٨)، وأبو داود (٤٩٤٦)، والترمذي (١٩٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>