للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه: "أيعجز أحدكم أن يجامع أهله في كل يوم جمعة، فإن له أجرين، أجر غسله، وأجر امرأته" (١)، أخرجه البيهقي في الشعب.

فظاهره: أن الغسل يعقب المجيء وليس بمراد، وإنما المراد: إذا أراد أحدكم أن يأتي الجمعة فليغتسل، رواه بهذا اللفظ الليث عن نافع، عند مسلم، ونظيره قوله تعالى في سورة المجادلة: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} [المجادلة: ١٢].

فإن معناه: إذا أردتم المناجاة بلا خلاف، ويقوي رواية الليث حديث أبي هريرة السابق: "من اغتسل يوم الجمعة ثم راح"، فهو صريح في الرواح عن الغسل.

وبهذا علم فساد قول من حمله على ظاهره وتمسك به، على أن الغسل لليوم لا للصلاة، كما قاله علي القاري والزرقاني.

قال السيوطي: يقول الحافظ ابن حجر: رواية نافع عن ابن عمر مشهورة جدًا، وقد اعتنى بتخريج طرق أبو عوانة صحيحة، فساق من طريق سبعين نفسًا، رواه عن نافع.

قال: وقد تتبعت ما فاته، وجمعتُ ما وقع لي من طرقه، في جزء مفرد فبلغت أسماء من رواية نافع مائة وعشرين نفسًا، فيما يستفاد منه هنا ذكر سبب الحديث، في رواية إسماعيل بن أمية عن نافع عند ابن عوانة: كان الناس يغدون في أعمالهم، فإذا كانت الجمعة جاءوا وعليهم ثياب متغيرة، فتشاكوا ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "من جاء منكم الجمعة فليغتسل"، انتهى.

* * *

٥٨ - أخبرنا مالك، حدثنا صفوانُ بن سُلَيْم، عن عَطاءٍ بن يَسَارٍ، عن أبي سعيد الْخُدْرِيَّ: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "غُسْلُ يوم الجمعة واجِبٌ على كل مُحْتَلِمٍ".


(١) أخرجه: البيهقي في الشعب (٢٩٩١) من طريق بقيَّة، وقد قال البيهقي: في روايات بقيَّة نظر.
(٥٨) صحيح، أخرجه: البخاري (٨٥٨)، ومسلم (٨٤٦)، وأبو داود (٣٤١)، والنسائي (٣٧٧)، وابن ماجه (١٠٨٩)، والدارمي (١٥٣٧)، ومالك (٢٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>