للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه سأل ابن عباس رضي الله عنهما عما يُعصر من العنب، فقال ابن عباس: أهدى رجلٌ اسمه كيسان الفقي، كما رواه أحمد من حديثه، لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - راوية خمرٍ، بالإِضافة، أي: مزادتها، وأصل الراوية البعير يحمل الماء عليها فيها المبالغة، ثم أطلقت الراوية على كل دابة يحمل عليها الماء، ثم على المزادة، ولفظ رواية أحمد عن كيسان: أنه كان يتجر في الخمر، وأنه أقبل من الشام، فقال: يا رسول الله إني جئتك بشراب جيد، وعنده أيضًا عن ابن عباس، كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - صديق من ثقيف أو دوس، فلقيه يوم الفتح براوية خمر يهديها إليه، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "هل علمتَ أن الله عز وجل حرَّمها؟ "، أي: غلب في أمره، وظهر في حكمه ولا يُسئل عما يفعله، حرَّمها في سورة المائدة: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: ٩٠]، قال: أي: الرجل: لا، أي: لم أعلم بذلك، فسارَّ الرجلُ بتشديد الراء، أي تكلم خفية، إنسانٌ إلى جنبه، وفي رواية أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما: فأقبل الرجل على غلامه فقال: بعها، ولابن وهب: فسارّ إنسانًا فقال له: أي: للإِنسان، تكلم خفية برجل في جنبة النبي - صلى الله عليه وسلم -، أصله بما محذوف الألف؛ لأن حرف الجر أدخل على ما الاستفهامية يحذف ألفها تخفيفًا للفظ الكثير التداول، أو فرق بين الاستفهامية والإِسمية، أو إخبارًا عن شدة اتصال ما بحرف الجر، حتى صارت كالجزء منه، فمعناه: أي شيء كلمته خفية، كما فصلناه في تفسير عم يتساءلون، في كتابنا (نور الأفئدة). قال: أمرته ببيعها، أي: ظنًا منه أنه يحرم شربها لا بيعها، فقال: أي: النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الذي أي: الله عز وجل حرَّم شربها حرَّم بيعها"؛ لأنه رجس، أي: نجس، وهو لا يصح بيعه، ولا يؤدي إلى شربها، وفي حديث كيسان، (ق ٧٥٠) قال: إنها حرمت وحرم ثمنها.

قال: أي: الراوي، ففتح أي: الرجل المزادتين، بفتح الميم والزاي، تثنية مزادة، وهي القربة؛ لأنه يتزود فيها الماء، حتى ذهب ما فيهما، أي: من الخمر، ففيه وجوب إراقته لفعله ذلك بحفرته - صلى الله عليه وسلم -، وأقره عليه هذا إذا كانت عند مسلم صورة إذا أسلم ذمي وفي يده الخمر والخنزير فأتلفها آخر لا يضمنها بلا إتلاف لأنهما بمال في حق المسلم، بخلاف خمر الذمي، وخنزيره، حيث يضمنها بلا إتلاف، لأنهما مال في حق الذمي، كذا في كتاب (الغصب من الدرر).

<<  <  ج: ص:  >  >>