يوم الجُمُعَةِ وعُمر بن الخطاب يخطُبُ الناسَ، جملة حالية، ولعل المعنى: وهو يريد أن يخطب، وفي رواية جويرية: أن عمر بينما هو قاىم في الخطبة إذ دخل رجل من المهاجرين الأولين من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فناداه عمر منكرًا عليه: فقال: أيَّةُ سَاعَةٍ هذه؟ بفتح الهمزة وفتحها مشددة وتاء تأنيث، أي: يستفهم بها، والساعة: اسم لجزء من الزمان المقدر، ويطلق على الوقت الحاضر، وهو المراد هنا، وهو استفهام توبيخ وإنكار، كأنه يقول له: لما تأخرت إلى هذه الساعة، وقد ورد التصريح بالإِنكار في رواية أبي هريرة، بلفظ: فقال عمر: لم تُحبسون عن الصلاة؟
وفي مسلم: تعرض به عمر فقال: ما بال رجال يتأخرون بعد النداء، قال الحافظ: والذي يظهر أن عمر قال ذلك كله، فحفظ بعض الرواة ما لم يحفظ الآخر، ومراد عمر التلميح أو الإِشارة إلى ساعات التبكير التي وقع الترغيب فيها، وأنها إذا وقعت انقضت صلاة الملائكة الصحف، وهذا من أحسن التعريفات (ق ٦٦) ووافق الكنايات.
وفهم عثمان بن عفان رضي الله عنه، فبادر إلى الاعتذار عن التأخير، فقال الرجل: أي: عثمان بن عفان رضي الله عنه، اعتذارًا: انْقَلَبْتُ أي: رجعت من السُّوقِ هذا الزمان، وكان الصحابة يكرهون ترك العمل على مخالفة لليهود والنصارى، فإنهم بتركهم الأعمال يعظمون يوم السبت والأحد، كما ذكره السيوطي، فسمعت النداءَ، أي: الأذان بين يدي الخطيب، وفي رواية جويرية: إني شُغِلتُ فلم أنقلب، أي: لأهلي حتى سمعتُ التأذين، فما زدْتُ في التوقف ولم أشتغل بشيء بعد أن سمعت الأذان، عَلَى أنْ توضأتُ، أى: لضيق الوقت، ثم أقْبَلْت، أي: توجهت وجئت.
قال عمر، إنكارًا آخر على ترك السنة المؤكدة، وهي: الغسل، والوُضُوء بالنصب، واخترت الوضوء دون الغسل، أيضًا، مصدر آض، أي: عاد ورجع، فهو مفعول مطلق، حذف عاملها وصاحبها، أي: ارجع إلى الأخبار ولا أقتصر على ما قدمت، أو حال حذف عاملها وصاحبها، أي: أخبر أيضًا فيكون حالًا من ضمير المتكلم، كما ذكره السيوطي.
والمعنى: اكتفيت بتأخير الوقت، وتفويت الفضيلة، حتى تركت الغسل، واقتصرت على الوضوء، أو بالرفع: على أنه مبتدأ خبره محذوف، أي: الوضوء أيضًا