للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القصر بوصف السفر لاشتماله على حكمة درء المشقة، وكان بعضهم ينكر على فقهاء وقته يقول: تعلوه بالغرر ولا تعرفون وجه العلة فيه.

قال المازري: أجمعوا على فساد بيع الغرر كجنين والطير في الهواء والسمك في الماء، وعلى صحة بعضها كبيع الجبة المحشوة وإن كان حشوها لا يرى، وكراء الدار شهرًا مع احتمال نقصانه وتمامه، ودخول الحمام مع اختلاف لبثهم فيه، والشرب من فم السقاء مع اختلاف الشرب, واختلفوا في بعضها فوجب أن يفهم أنهم إنما منعوا ما أجمعوا على منعه لقوة الغرر وكونه مقصورًا، وإنما جازوا ما أجمعوا على جوازه ليسارته، مع أنه لم يقصد تدعو الضرورة إلى العفو عنه، وإذا ثبت استنباطه من هذين الأصلين وجب رد المسائل المختلف فيها بين فقهاء الأمصار إليها، فالمجيز أي: الغرر فالمنع أقرب لظاهر الحديث.

قال محمد: وبهذا كله أي: بجميع أنواعه نأخذ أي: نعمل ونفتي بيع الغرر كلّه أي: بجميع أفراده كبيع الطير في الهواء والسمك في الماء فاسد، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا أي من فقهاء الأمة، فلا يجوز بيع ما فيه غرر كحمل في بطن، ولؤلؤ في صدف ولين في ضرع، لما روى ابن ماجه من حديث أبي سعيد الخدري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن شراء ما في بطون الأنعام حتى تضع (١)، وروى الشافعي بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه نهى عن بيع اللبن في ضرع الغنم، والصوف على ظهرها، وروى مرفوعًا، والصحيح أنه موقوف.

* * *

٧٧٦ - أخبرنا مالك، أخبرنا ابن شهاب، عن سعيد بن المسيَّب، أنه كان يقول: لا ربا في الحيوان، وإنما نهى من الحيوان عن ثلاث: عن المضامين، والملاقيح، وحَبَل الحَبَلة.

والمضامين: ما في بطون الإِناث من الإِبل، والملاقيح: ما في ظهور الجمال


(١) أخرجه ابن ماجه في السنن (٢١٩٦).
(٧٧٦) إسناده صحيح، في الموطأ برواية أبي مصعب الزهري (٢٦١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>