للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي: بيع الحبلة بيعًا نبايعه وفي نسخة: يبتاعه أهل الجاهلية، أي: يشتر بها أهلها كان الرجل منهم يبيع أحدهم أي: من الجاهلية الجزور بفتح الجيم وضم الزاي أي: الناقة.

وقال الزرقاني (١): وهو البعير سواء كان ذكرًا أو أنثى إلى أن تُنْتَجُ بضم أوله وسكون النون وفتح الفوقية الثانية، أي: تلد وهو من الأفعال التي لم تسمع إلا مبنية للمفعول نحن جن وزهي علينا، أي بكر الناقةُ، مرفوع بإسناد تنتج إليها، أي: تضع ولدها فولد نتاج بكسر النون من تسمية المفعول بالمصدر ثم تنتجُ الذي في بطنها أي: ثم تعيش المولودة حتى تكبر ثم تلد، وعلة النهي ما في الأجل من الغرر، وهذا التفسير من قول ابن عمر، كما جزم به عبد البر وغيره لما في مسلم من طريق عبيد الله بن نافع عن ابن عمر قال: كان أهل الجاهلية يتبايعون لحم الجزور إلى حبل الحبلة، وحبل الحبلة أن تنتج الناقة ثم تحمل التي نتجت، فنهاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبه فسره مالك والشافعي وغيرهما، وقيل: هو بيع ولد ولد الناقة الحامل في الحال، بأن يقول: إذا نتجت الذي في بطنها فقد بعتك ولدها، فنهى عنه؛ لأنه بيع ما ليس بمملوك ولا معلوم ولا مقدور على تسليمه فهو غرر، وبه فسره أحمد وإسحاق وجماعة من اللغويين، وهو أقرب الألفاظ إلى اللفظ، لكن الأولى أقوى؛ لأنه تفسير ابن عمر وليس مخالفًا (ق ٨١٢) للظاهر، فإن ذلك هو الذي كان في الجاهلية، والنهي وارد عليه ومذهب المحققين من أهل الأصول تقديم تفسير الراوي إذا لم يخالف الظاهر.

قالى الطيبي: فإن قيل تفسير مخالف لظاهر الحديث، فكيف يقال: إذا لم يخالف الظاهر، وأجاب باحتمال أن المراد بالظاهر الواقع، فإن هذا البيع كان في الجاهلية بهذا الأجل حلا للفظ بل بيان المواقع، ومحصل هذا الخلاف كما قال ابن التنيسي: هل المراد البيع إلى أجل أو بيع الجنين، وعلى الأول هل المراد بالأجل ولادة الأم أو ولادة ولدها، وعلى الثاني، هل المراد بيع الجنين الأولى بيع جنين الجنين، فصار أربعة أقوال انتهى.

وقال المبرد: هو عندي بيع حبل الكرامة؛ لأنها تحبل بالعنب كما جاء في حديث آخر: نهي عن بيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه (٢) ويكون هذا أصلًا في منع البيع بثمن إلى أجل مجهول.


(١) في شرحه (٣/ ٣٨٤).
(٢) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>