للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا وأبيك ابنة العامري ... لا يدعى القوم أني أفر

قوله: ابنة العامري: منادى حذف حرف النداء، أي: يا ابنة العامري أنا لا أفر من الحرب، وأنا مميز بذلك ومشتهر به حتى لا يدعي أحد في حقي، وكذلك كلمة "لا" هنا أي: قال عمر: اقسم بالله عليك يا مالك بن أوس أن لا اتفاق عن مجلس الصرف إلى غاية أخذك من طلحة عوض الذهب، وجواب القسم محذوف تقديره: لتمكثن في مجلس العقد إلى نهاية أخذ عوض الذهب عنه، ويجوز أن يكون لفظة هنا لنفي القسم، كما كانت كذلك في قوله تعالى: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [القيامة: ١] كأنه قال عمر: لا أقسم عليك يا مالك بن أوس ولكن أسألك غير مقسم أن لا تفارق عن طلحة إلى غاية أخذك منه بدل ما أعطيته من الذهب.

وفي رواية: والله لتعطينه ورقه، وهذا خطاب لطلحة وفيه تفقد عمر أحوال رعيته في دينهم والاهتمام بهم، وتأكيد الأمر باليمين وأن الخليفة والسلطان إذا سمع أو رأى ما لا يجوز وجب عليه أن ينهى عنه، والإِرشاد إلى الحق ثم قال: أي: عمر مستدلًا على المنع بالسنة؛ لأنها الحجة عند التنازع قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ق ٨٤٩) "الذهب بالورق بفتح الواو وكسر الراء أي: الفضة، هكذا رواه أكثر أصحاب الزهري ومعمر وابن عيينة لم يقولوا: الذهب بالذهب في كل حديث عمر، وهم الحجة على من خالفهم وهو المناسب لسياق القصة ربا أي: في جميع الأحوال إلا هاء وهاءَ، بالمد وفتح الهمزة فيها على الأصح الأشهر أنهما اسم فعل بمعنى قوله تعالى: {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} [الحاقة: ١٩]، يقال: هاء درهما أي: خذ درهمًا فنصب درهما باسم الفعل، كما ينصب بالفعل وبالقصر يقوله المحدثون وأنكره الخطابي وقال: الصواب المد، وتجوز كسر الهمزة نحو هات وسكونها نحو خف، وأصلها هاك بالكاف فقلبت همزة، وليس المراد أنها من نفس الكلمة وإنما المراد أصلها في الاستعمال، وهي حرف خطاب.

قال ابن مالك: وحقها أن لا تقع بعد إلا كما لا يقع بعدها خذ، فإذا وقع قدر قول قبله يكون به محكيًا أي: لا مقولًا عنده من المتعاقدين هاء وهاء.

قال الطيبي: فإذن محله النصب على الحال، والمستثنى منه مقدر يعني بيع الذهب بالورق ربا في جميع الحالات إلا حال الحضور والتقايض، فكنى عنه بقوله: هاء وهاء؛ لأنه لازمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>