بدري ولم يشهدها وشهد أحدًا وما بعدها، وقيل: كان مولى العباس فوهب للنبي - صلى الله عليه وسلم - فأعتقه، وروى عنه أحاديث ومات في أول خلافة علي رضي الله عنه على الصحيح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استسلف من رجل قال (الأبي): السين في استفعل للطلب، وقد تكون للتحقيق وهي هنا كذلك؛ لأنه إخبار عن ماض بَكْرًا، بفتح الباء الموحدة وسكون الكاف وهو الفتى من الإِبل كالغلام من الذكور والقلوص: الفتية من النوق، كالجارية من الإِناث، وفيه جواز أخذ الدين للضرورة، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يكرهه، وإلا فقد خير فاختار التقلل من الدنيا والقناعة. كذا قاله في (الإِكمال) وفي (المفهم): فإن قيل: كيف عمر ذمنه بالدين، وقد كان يكرهه، وقال في الحديث:"إياكم والدين، فإنه شين"، وفي آخر:"فإنه هم بالليل ومذلة في النهار"، وكان كثيرًا ما يتعوذ منه حتى قيل: ما أكثر ما تستعيز من المغرم، فقال:"إن الرجل إذا غرم حدث فكذب".
أجيب بأنه إنما كداين لضرورة، ولا خلاف في جوازه لها فإن قيل: لا ضرورة له؛ لأن الله تعالى خيره أن تكون بطحاء مكة له ذهبًا رواه الترمذي، ومن هو كذلك، فأين الضرور؟
أجيب بأنه لما خيَّره اختار الإِقلال من الدنيا والقناعة، وما عدل عنه زهدًا فيه لا يرجع إليه، فالضرورة لازمة، وأيضًا فالدين إنما هو مذموم لتلك اللوازم المذكورة، وهو معصوم منها، وقد يجب وإن كان لغير ضرورة كره للأحاديث المذكورة، لما فيه من تعريض النفس للمذلة.
وأما السلف بالنسبة إلى معطيه فمستحب؛ لأنه من الإِعانة على الخير، وأخرج البزار (١) عن ابن مسعود رضي الله عنه: "قرض مرتين يعدل (ق ٨٥٨) صدقة مرتين"، وفي حديث آخر:"درهم الصدقة بعشرة ودرهم القرض بسبعين" فقدِمَتْ أي: جاء عليه - صلى الله عليه وسلم - إبلٌ من الصدقة، أي: الزكاة فأمر - صلى الله عليه وسلم - مولاه أبا رافع أن يقضي الرجل بَكْرَهُ، أي: مثل بكره ليسلف منه، ولم يسم ذلك الرجل، وفي مسند أحمد أنه أعرابي، وفي أوسط الطبراني عن العرباض ما يفهم أنه هو، لكن في النسائي والحاكم ما يقتضي أنه غيره، فكأن القصة وقعت لأعرابي ووقع نحوها للعرباض فرجع إليه أي: إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أبو رافع،