قال محمد: وبهذا نأخذ، لا بأس بكرائها بالذهب، والورِق، وبالحنطة كيلًا معلومًا، وضَرْبًا معلومًا، ما لم يُشترط ذلك مما يخرج منها، فإن اشترط مما يخرج منها كيلًا معلومًا فلا خير فيه، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا.
وقد سُئل عن كرائها سعيد بن جبير بالحنطة كيلًا معلومًا، فرَخَّصَ في ذلك، وقال: هل ذلك إلا مثل البيت يُكرى.
• أخبرنا مالك، أخبرنا ربيعة بن أبي عبد الرحمن، التيمي مولاهم يكنى أبا عثمان المدني المعروف بربيعة الرأي، واسم أبيه فروخ ثقة فقيه مشهور، قال ابن سعد: كانوا يثقونه لموضع الرأي، كان في الطبقة الخامسة من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات سنة ست وثلاثين ومائة أن حنظلة بن قيس بن عمرو بن حصن بن خلدة الزرقي المدني الأنصاري ثقة، كان في الطبقة الثالثة من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات بعد المائة. كذا قاله في (تقريب التهذيب) أخبره، أنه سأل رافع بن خديج بفتح الخاء المعجمة وكسر الدال المهملة وإسكان التحتية وجيم هو ابن رافع بن عدي الأنصاري الأوسي هو أول من شهد أحدًا ثم الخندق، مات سنة ثلاث أو أربع وسبعين وقيل: قبل ذلك عن كراء المزارع، بفتح الميم جمع المزرعة، هي مكان الزرع فقال: أي: رافع بن خديج قد نُهي عنه، على بناء المجهول أي: نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كراء المزارع وظاهره منع كرائها مطلقًا وإليه ذهب الحسن وطاووس وأبو بكر الأصم، قال: لأنها إذا استؤجرت وخربت لعلها يحترق ذرعها فيردها، وقد زادت وانتفع ربها ولم ينتفع المستأجر، ومن حجتهم حديث الصحيحين (ق ٨٦٠) وغيرهما مرفوعًا: "من كانت له أرض فليزرعها، فإن لم يفعل فليمسك أرضه" قال حنظلة: فقلتُ أي: سألت لرافع: ابن خديج بالذهب والورق؟ أي: أنهى عن كرائها بهما؟ فقال رافع: لا بأس أي: لا حرمة بكرائها بالذهب والورِق أي: الفضة ونحوهما، وفي رواية للشيخين من لا إنما نهى عنه ببعض ما يخرج منها.
قال مالك في (موطئه): أما بالذهب والورق فلا بأس به، وهو يتحمل أنه قال ذلك اجتهادًا أو علم ذلك بالنص على جوازه، وقد روى أبو داود والنسائي بإسناد صحيح عن سعيد بن المسيب عن رافع بن خديج قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المحاقلة والمزابنة وقال: إنما يزرع ثلاثة: رجل له أرض، ورجل منح أرضًا، ورجل أكرى أرضًا بذهب أو فضة،