انقطع عِقدِي، بكسر أوله: وهو كل ما يعقد ويعلق به في العنق، ويسمى قلادة، وكان من جزع ظفار على ما ذكره السيوطي، والجزع، بفتح الجيم وسكون الزاي، خرز فيه بياض وسواد، الواحد جزعة كتمر وتمرة، وكذا في (المصباح)، وظفار كقطا، اسم مدينة باليمن، كذا في (النهاية).
قيل: اشتقاقه من الجزع بفتحتين، ولذا كانت ملوك حمير لا تدخل الجزع خزائنها، ولا تقلد شيئًا ولا تختم به.
وفي (القاموس): الجزع بكسر الخرز اليماني العيني، فيه سواد وبياض شبه العين، والتختم به: يورث الهم والحزن، والأحلام المفزعة، ومخاصمة الناس، وإن لف به شعر مسعر ولدت من ساعتها .. انتهى.
وكان العقد ملكًا لأسماء بنت أبي بكر الصديق، رضي الله عنها، استعارته منها عائشة، وكان ثمنه اثنى عشر درهمًا، فأقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي: توقف فسأل على الْتِمَاسِه، أي: لأجل طلبه، وأقام الناسُ، أي: تبعًا له - صلى الله عليه وسلم -، ولَيْسُوا على ماء، أي: والحال أنهم ليسوا على بير أو عين، والحال: وليس معهم ماء نقية، إشارة إلى ترك إضاعة المال، واعتنى الإِمام بحفظ حقوق المسلمين، ويلحق بتحصيل الضايع، والإِقامة لإِلحاق المنقطع، ودفن الميت، ونحو ذلك من مصالح الناس، واستدل به على جواز الإِقامة في مكان لا ماء فيه، وسلوك طريق لا ماء فيها.
ونظر فيه الحافظ: بأن المدينة كانت قريبة منهم، وهم على قصد دخولها، قال: ويحتمل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يعلم بعدم الماء مع الركب، وإن علم أن المكان لا ماء فيه، ويحتمل أن قوله: ليس معهم ماء، أي: للوضوء، وإما للشرب، فيحتمل أنه معهم، والأول محتمل لجواز المطر، أو نبع الماء من بين أصابعه - صلى الله عليه وسلم -، كما وقع في مواطن أخرى.
فأتى الناس إلى أبي بكر الصديق، أي: شاكيًا من الإِقامة، فقالوا: ألا تَرَى الهمزة للاستفهام، إلى ما صنَعَت عائشهُ؛ رضي الله عنها؟ أقَامَتْ برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبالناس، ولَيْسُوا على ماءٍ، وليس معهم ماء؟ أسند الفعل إليها، لأنه كان بسببها، وفيه شكوى عن المرأة إلى أبيها، وإن كان لها زوج، وكأنهم إنما شكوا لأنه - صلى الله عليه وسلم - نائم وكانوا لا يوقظونه.
قال ابن حجر: وخافوا تغيظه، لشدة محبة المصطفى لها، كما قاله الزرقاني عن