للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعض شيوخه. قالت: أي: عائشة، رضي الله عنها، كما في (الموطأ) لمالك: فجاء أبو بكر الصدِّيق، رضي الله عنه وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَاضعٌ رأسَه على فَخِذِي؛ بالذال المعجمة وبالياء للمتكلم، قد نام، أي: (ق ٧٤) والحال أنه - صلى الله عليه وسلم - قد نام على فخذي، وفيه جواز دخول الرجل على بنته، وإن كان زوجها عندها، إذا علم رضاء ذلك، ولم يكن حالة مباشرة، فقال: أي: أبي بكر الصديق توبيخًا لي: يا عائشة حَبَسْتِ على بناء المفرد المخاطبة، أي: منعتِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والناس عن السير، ولَيْسُوا على ماء، وليس معهم ماء؟ وفيه ضرر شديد، قالتْ: أي: عائشة رضي الله عنها، فعاتبني، أي: أبو بكر الصديق رضي الله عنه، ولم تقل فعاتبني أبي؛ لأن قضية الأبوة رحمة وشفقة.

والعتاب بالقول، والتأديب بالفعل مغاير لذلك في الظاهر فأنزلته؛ أي: أبا بكر منزلة الأجنبي، وقال أبو بكر ما شاء أن يقولَ، أي: وما مصدرية بمعنى الوقت، يعني: قال أبو بكر وقت مشيه تكلمه في العتاب بعائشة، وفيه دلالة على أن أحدًا لا يقول خير إلا بتوثيق الله ولا شرًا إلا بخذلان الله، فإنهم يدعون أن العبد مستقل؛ أي: في فعله، وهو ليس كذلك، بل الأقوال والأفعال كلها بخلق الله تعالى، كما قال الله تعالى في سورة الصافات: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات: ٩٦].

وجعل, أي: شرع أبو بكر الصديق، حال كونه يَطْعنني بيَدهِ وهو بضم العين، وكذا جميع ما هو حِسِّي، وأما المعنوي فيقال: يطعن بالفتح، هذا هو المشهور فيهما.

وحكى فيهما معًا الفتح والضمِ، ذكره في (المصباح)، طعن بالرمح كنصر وطعن فيه، والمعنى: يضربني بيده في خَاصِرَتي، أي: جنبي، بحيث إنه زائل عني راحتي، وفيه تأديب الرجل بنته، ولو متزوجة كبيرة خارجة عن بيته، ويلحق به تأديب من له تأديبه، ولو لم يأذن الإِمام، فلا يَمنَعُني من التحرُّك: الاستقرار إلا رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فَخِذِي، وفيه استحباب، بمعنى بيان الصبر، لمن قاله ما يوجب الحركة ويحصل به التشويش لنائم، وكذا المصلي، وقارئ مشتغل بعلم أو ذكر، فنام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أصْبحَ، إلى أن ينتهي إلى الصباح، على غير ماء متعلق بنام، وأصبح متنازعًا فيه، هكذا الرواية في (الموطأ)، حتى وهي رواية مسلم عن يحيى والبخاري في فضل أبي بكر عن قتيبة، كليهما عن مالك، ورواه في التيمم عن عبد الله بن يوسف بلفظ حين بتحتية ونون. قال الحافظ: ومعناهما متقارب؛ لأن كلًا منها يدل على أن قيامه من نومه كان عند الصبح.

<<  <  ج: ص:  >  >>