وقال بعضهم: ليس المراد بقوله حتى أصبح بيان غاية النوم إلى الصباح، بل بيان غاية فقد الماء إلى الصباح؛ لأن قيد الغاية بقوله: على غير ماء، أي: أمره إلى أن أصبح على غير ماء.
وأما رواية عمرو بن الحارث، فلفظه: ثم إن النبي استيقظ وحضرت الصبح، فإن أغربت الواو حالته، كان دليلًا على أن الاستيقاظ وقع حال وجود الصبح، وهو الظاهر.
واستدل به على الرخصة في ترك التهجد في السفر، إن ثبت أنه كان واجبًا عليه، وعلى أن طلب الماء لا يجب إلا بعد دخول الوقت، لقوله في رواية عمرو بعد قوله: فحضرت الصبح فالتمس الماء فلم يوجد، فأنزل الله تعالى آية التيمم.
قال ابن العربي: هذه (ق ٧٥) معضلة ما وجدت لذاتها من ذوي الأنام، لا نعلم أي الآيتين عنت عائشة. وقال ابن بطال: هي آية النساء والمائدة.
وقال القرطبي: هي آية النساء؛ لأن آية المائدة تسمى آية الوضوء، وآية النساء لا ذكر للوضوء فيها.
وأورد الواحدي في (أسباب النزول) هذا الحديث عند ذكر آية النساء، وقال الحافظ (١): وخفى على الجميع ما ظهر للبخاري أنها آية المائدة بلا تردد؛ لرواية عمرو بن الحارث عن عبد الرحمن بن القاسم عند البخاري في التفسير؛ أنه قال فيها: فنزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ ...}[المائدة: ٦].
وقال: واستدل به على أن الوضوء كان واجبًا قبل نزول الآية، ولذا استعظموا نزولهم على غير ماء، ووقع من أبي بكر في حق عائشة ما وقع.
قال ابن عبد البر: معلوم عند جميع أهل المغازي أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يصل حين فرضت الصلاة إلا بوضوء، ولا يدفع ذلك إلا جاهل أو معاند.
قال: وفي قولها: آية التيمم، إشارة إلى أن الذي طرأ إليهم من العلم حينئذ حكم التيمم لا الوضوء. وقال: والحكمة في نزول آية الوضوء مع ما تقدم العمل به ليكون فرضه متلوًا بالنزول.