وقال غيره: يحتمل أن أول آية الوضوء نزل قديمًا فعلموا به، ثم نزل بقيتها، وهو ذكر التيمم في هذه القصة وإطلاق آية التيمم على هذا من قبيل إطلاق الكل على البعض، كما قاله الزرقاني.
{فَتَيَمَّمُوا} أي: النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وفي نسخة: فتيممنا، أي: نحن جميعًا، قال أسَيْد بن حُضَيْرِ: بضم الهمزة، وفتح السين المهملة وسكون التحتية والدال المهملة، ابن حُضَيْرِ؛ بضم الحاء المهملة وفتح الضاد وسكون التحتية، والراء المهملة: تصغير فيهما، وهو أوسي، أنصاري، شهد العقبة، وبدرًا وما بعدها من المشاهد، روى عنه جماعة من الصحابة، ومات بالمدينة سنة عشر ودفن بالبقيع. ما هي أي: هذه البركة التي حصل منها هذه الرخصة، بأوّلِ بَرَكَتِكُمْ أريد بها الجنس، أي: ليست هذه البركة بأول بركة من بركاتكم، بل هي مسبوقة بغيرها من البركات يا آل أبي بكرٍ، والمراد بأبي بكر نفسه وأهله وأتباعه، وفي (تفسير إسحاق): أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها:"ما كان أعظم بركة قلادتك"، وفي رواية عمرو بن الحارث:"لقد بارك الله فيكم".
وللبخاري من وجه آخر، فقال أسيد لعائشة: جزاك الله خيرًا، فوالله ما نزل بك أمر تكرهينه، إلا جعل الله ذلك لك وللمسلمين فيه خيرًا.
وفي لفظٍ له: إلا جعل الله لك منه مخرجًا، وجعل للمسلمين منه بركة، وإنما قال ذلك أسيد دون غيره؛ لأنه كان رأس من بعث في طلب العقد الذي ضاع، قالت: أي: عائشة، فبَعَثْنَا وفي نسخة بالواو، فأقمنا البعير الذي كنتُ راكبة عليه، فوجَدْنَا العِقْدَ تحته، أي: تحت البعير، هذا ظاهر في أن الذين توجهوا في طلبه أولًا لم يجدوه.
وفي رواية عائشة في البخاري: فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا فوجدها، أي: القلادة.
وللبخاري ومسلم: فبعث ناسًا من أصحابه في طلبها.
ولأبي داود: فبعث أسيد بن حضير وناسًا معه.
وطريق الجمع بين هذه الروايات: أن أسيد بن حضير كان رأس من بُعِثَ لذلك (ق ٧٦)، فلذا سُمِّيَ في بعض الروايات دون غيرها، وأسند إلى واحد منهم في رواية دون غيره، وهو المراد كأنهم لم يجدوا العقد أولًا، فلما رجعوا ونزلت الآية، وأرادوا الرحيل،