للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأثاروا البعير وجده أسيد، فقوله في رواية عروة: فوجدها، أي: بعد جميع ما تقدم من التفتيش وغيره. وقال الثوري: يحتمل أن فاعل وحدها: النبي - صلى الله عليه وسلم -، كما قاله الزرقاني.

قال محمد: وبهذا نأخُذُ، أي: نعمل ونفتي، والتيمم ضربتا يَدٍ، أي: وضعتان للوجه، أي: لمسحه والاستيعاب فرض، وَضَرْبَةٌ لليدين إلى المرفقين، وهو أي: الضرب لكل واحد منهما مع النية للعبادة، قولُ أبي حنيفة، رحمه الله، وأصحابه.

ما الحكمة في الأمر: بالماء فى الوضوء؟ والتراب في التيمم؟

الجواب: لأن أصل وجود الإِنسان من التراب، قبض عزرائيل عليه السلام، من أنواع التراب على عدد بني آدم وهيئاتهم، كما ورد في الحديث، وأصل وجودك ونشأتك من ماء دافق، يخرج من بين الصلب والترائب، وأنهما: أي: الماء والتراب أوسع شيء وجودًا فأمرك بهما لئلا يتعذر بفقدانهما، وتتواضع برؤيتهما بافتقارك إليهما.

أما ترى قول إبليس، كيف ترك التواضع، وقال: {خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعراف: ١٢]، وقيل: أمر بهما لسر الطهارة والحياة والقابلية والإِحياء في الماء، وسر التواضع والتذلل والثبات في التراب، بخلاف النار؛ لأن في النار صفة العلو والرفع في الهواء صفة الإنقلاب وعدم الثبات، ففي استعمالهما على وجه التقرب بالتعبد تأثير في تكميل الوجود الإِنساني؛ ولهذا قيل: الوضوء نور، أي: ينور الوجود ويصفيه.

والتيمم: بالتراب يثبته، ويمكنه في طريق الرشاد، ولله أسرار خفيفة في أوضاع أحكام الشريعة، أبقاها الله إلى يوم الحساب، كما في (خواتم الحكم).

الحكمة في التيمم بالتراب: هل يقوم التراب مقام الماء؟

الجواب: أن الله تعالى خلق الذرة، ونظر إليها، فصارت ماء، وعليه زبد بيضاء، ثم خلق الله تعالى الأرض من زبد الماء، فيكون أصل الأرض من الماء، لهذا أقام التراب مقامه، عند عدم الماء في التيمم، كما في (الفوائد).

لما فرغ من بيان التيمم، شرع في بيان حال الرجل يقبل امرأته، في حال حيضها، فقال: هذا

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>