للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عمر بن عبد البر: كان من سادات الصحابة رضي الله عنهم وقال: أخي أي: هو أخي ابن وليدة أبي، أي: ابن جارية أبي وُلد بضم الواو وكسر اللام على فراشه، كناية عن ملكه ويجب تصرفه كأنه سمع أن الشرع أثبت حكم الفراش فاحتج به، وقد كانت عادة الجاهلية إلحاق النسب بالزنا، وكانوا يستأجرون الإِماء للزنا: فإن اعترفت الأم أنه له لحق به ولم يقع ابن وليدة زمعة في الجاهلية، إما لعدم الدعوى، وإما لأن الأمة لم تعترف بعتبة، وقيل: كانت موالي الولائد يخرجوهن للزنا ويضربون عليهم الضرائب، وكان وليد زمعة كذلك.

قال الحافظ: والذي يظهر من سياق القصة أنها كانت أمة متفرشة لزمعة أي: مملوكة لها فزنى بها عتبة، وكانت عادة الجاهلية في مثل ذلك أن السيد إذا استلحقه لحقه، وإن نفاه انتفى عنه، وإن أعاده غيره رد ذلك إلى السيد فظهر بها حمل ظن أنه من عتبة فأختصما فيها فتساوقا أي: تدافعا بعد تخاصمهما وتنازعهما في الولد أي: ساق كل منهما صاحبه فيما ادعاه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وحاصله إنما ترافعا إليه - صلى الله عليه وسلم - فقال سَعْد: يا رسول الله، ابن أخي قد كان عهد إليَّ فيه أخي عُتبة، وقال عبدُ بن زمعة: أخي وابن وَلِيدة أبي، وُلِدَ على فراشه، وللقعنبي: فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى ابن وليدة زمعة فإذا هو أشبه الناس بعتبة بن أبي وقاص فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: زاد القعنبي "هو أخوك يا عبدُ بن زمعة"، بضم الدال على الأصل، ويروى بفتحها ونصب نون ابن على الوجهين، وسقط في رواية النسائي أداة النداء فيبني على ذلك بعض الحنفية فقال: إنما ملكه إياه؛ لأنه ابن أمة أبيه لا أنه ألحق به قال عياض: وليس كما زعم فالرواية إنما هي بالياء على تسليم إسقاطها، فعبد هنا علم والعلم يحذف حرف النداء ومنه {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} [يوسف: ٢٩] انتهى.

ولذا قالت طائفة: هؤلاء أي: هو أخوك كما ادعيت قضى ذلك بعلمه؛ لأن زمعة كان صهره ففراشه كان معروفًا عنده - صلى الله عليه وسلم - لا بمجرد دعوى عبد على أبيه بذلك ولم يثبت إقراره به، ولا تقبل دعوى أحد على غيره ولا لاستلحاق عبد له؛ لأن الأخ لا يصلح استلحاقه عند الجمهور، وفي القضاء بالعلم خلاف. قاله ابن عبد البر: على أن من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - الحكم بعلمه.

وقال الطحاوي: معنى هو لك أي: بيدك تمنع منه من سواك، كما قال في اللقطة: "هي لك بيدك تدفع غيرك عنها حتى يأتي صاحبها" لا على أنها ملك ثم قال: أي: النبي

<<  <  ج: ص:  >  >>