للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في رواية عبد الملك بن الماجشون عن مالك، وكذا في رواية أبي عاصم النبيل ويحيى بن أبي قتيلة وابن وهب يخلو عنه فقالوا عن أبي هريرة، وذكر الطحاوي أن قتيبة (ق ٨٨٥) وصله عن مالك والله أعلم. أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بالشفعة أي: بين الشركاء فيما أي: في كل شيء مشترك مشاع قابل للقسمة لم يُقْسم، أي: بالفعل بين الشركاء فإذا وقعت الحدود أي: إذا تميز الأملاك بعد القسمة وصرفت الطرق بين الشركاء فلا شفعة فيه أي: لأنه لا محل لها بعد تميز الحقوق وبالقسمة فصارت غير مشاعة، وهذا الحديث نص في ثبوت الشفعة في المشاع، وصدور هذا الحديث يشعر ثبوتها في المنقولات، وسياقه يشعر باختصاصها بالعقار، وهو مشهور وفي مذهب مالك والشافعي وأحمد؛ لأنه أكثر الأنواع ضررًا والمراد بالعقار ما يحتمل القسمة فما لا يحتملها لا شفعة فيه لأن يقسمه تبطل منفعته، وعن مالك رواية بالشفعة احتمل القسمة أم لا وللبيهقي عن ابن عباس مرفوع: "الشفعة في كل شيء" (١) ورجاله ثقات، لكن أعلَّ بالإِرسال إلا أنه له شاهدًا من حديث جابر بإسناد لا بأس به، وشذ عطاء فأخذ بظاهره فقال بالشفعة في كل شيء حتى التراب، ونقله بعض الشافعية عن مالك، ورد بأنه لا يعرف عند أصحابه وحمله الجمهور على العقار لحديث الباب ونحوه وهو أصل ثبوت الشفعة، وأخرجه مسلم (٢) عن أبي الزبير المكي عن جابر بلفظ: "قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كل مشترك لم يقسم ربعة أو حائط ولا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه فإن شاء أخذ وإن شاء ترك فإذا باع فلم يؤذنه فهو أحق به" والربعة بفتح الراء تأنيث الربع وهو المنزل والحائط والبستان، وفيه أنه لا شفعة للجار؛ لأنه حصر الشفعة فيما لا يقسم فما قسم لا شفعة فيه وقد صار جارًا، وبه قال الجمهور وأثبتها أبو حنيفة والكوفيون كذا قاله الزرقاني (٣). وقال المصنف رحمه الله:

قال محمد: قد جاءت في هذا أي: في حكم الشفعة أحاديث مختلفة، أي: طرقها والشريك أي: في العين أو فيما يتعلق به أحقُّ بالشفعة من الجار، أي: الملاصق والجار أحقُّ من غيره، بلغنا ذلك أي: حاصله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أي: كما حررناه وقدرناه.

* * *


(١) أخرجه البيهقي في "الكبرى" (١١٨٠٦).
(٢) أخرجه مسلم (١٦٠٨).
(٣) انظر: شرح الزرقاني (٣/ ٤٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>