للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال مالك: بلغني أن عمر بن عبد العزيز وهو سادس أو خامس الخلفاء الراشدين كتب إلى عامل من عماله أنه بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا بعث سرية يقول لهم: "أغزوا بسم الله في سبيل الله" أي: ابدؤوا بذكر اسم الله تعالى حال كونكم مخلصًا نياتكم تقاتلون من كفر بالله ولا تختلفوا في المغنم، ولا تتركوا الوفاء بالعهد، ولا تقطعوا بأذن القتلى ولا أنفهم، ولا تقتلوا صبيانًا، وفيه فوائد مجمع عليها وهي: تحريم الغدر، والغلول، وقتل الصبيان إذا لم يقاتلوا، أو كراهة المثلة وهي قطع الأنف والأذن والشفة، وفيه أيضًا استحباب وصية الإِمام أمراء جيوشه بالتقوى، والرفق وتعريفهم ما يحتاجون في غزوهم وما يجب عليهم وما يحل لهم وما يحرم عليهم وما يكره، وما يستحب كذا قاله الزرقاني (١) عن النووي.

والمراد بأهل نجد أهل محارب بها أمره - صلى الله عليه وسلم - أن يشن عليهم الغارة فسار الليل وتستر في النهار فهجم على حاضر منهم عظم فأحاط بهم وقاتل منهم رجال، فقتل من أشرافهم فغنموا إبلًا كثيرة، وفي رواية لمسلم (٢): أصبنا إبلًا وغنمًا، وذكر أهل السير أنها مائتا بعير وألفا شاة، فكان سهامهم بضم السين المهملة وسكون الهاء جمع سهم أي: نصيب كل واحد اثنا عشر بعيرًا ونفلوا بضم النون وتشديد الفاء المكسورة أي: أعطى للسرية أميرهم بعيرًا بعيرًا، وأعطى كل واحد منهم زيادة علي السهم المستحق له، واختلف الرواة في القسم والتنفيل هل كانا معًا من أمير ذلك الجيش أو من النبي - صلى الله عليه وسلم - وأحدهما من أحدهما؛ فلأبي داود وابن إسحاق عن نافع عن ابن عمر فخرجت فيها فأصبنا نعمًا كثيرًا وأعطانا أميرنا بعيرًا لكل إنسان، ثم قدمنا على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقسم بيننا غنمتين فأصاب كل رجل اثنى عشر بعيرًا، الخمس، وأخرجه أبو داود من طريق شعيب عن أبي جمرة عن نافع عن ابن عمر قال: بعثنا - صلى الله عليه وسلم - في جيش قبل نجد وانبعثت سرية من الجيش، فكان سهمان الجيش اثنى عشر بعيرًا، ونفل أهل السرية بعيرًا فكانت سهمانهم ثلاثة عشر بعيرًا، وأخرجه ابن عبد البر من هذه الوجه، وقال في روايته: إن ذلك الجيش كان أربعة آلاف أي: الذين خرجت منهم السرية الخمس عشر كما عند ابن سعد وغيره، فظاهر رواية الليث عن مسلم


(١) انظر: "شرح الزرقاني" (٣/ ١٨).
(٢) أخرجه البخاري (٣٠٧٥)، ومسلم (١٧٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>