أن ذلك صدر من أمير الجيش وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقر ذلك وأجازه؛ لأنه قال فيه: ولم يغيره النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي راوية عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن نافع عنده أيضًا: ونفل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعيرًا بعيرًا وهذا يحمل على التقدير فتجتمع الروايتان (ق ٨٩٣) أي: نفسهما أو ما فيهما إلا قُطع عنهم الرزق، أي: البركة فيه أو ضيق عليهم القوة كما في نسخة، عليهم لا أصل الرزق، فلأننا في بين هذا ونحوه كحديث:"إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه" وبين أحاديث: "إن الرزق لا تزيده الطاعة ولا تنقصه المعصية" كذا قاله الفاضل السيد محمد الزرقاني، يقول الفقير: والمراد بالرزق طيبه وحسنه فإنه مطلقًا، وهو يصرف إلى كماله وهو الطيب والحسن، روى لم يجئ جبريل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا أمره أن يقول:"اللهم ارزقني طيبًا واستعملني صالحًا" كذا أخرجه الترمذي في (النوادر) الرزق الحسن ما يصل إلى صاحبه بلا كد في طلبه وقيل: هو ما وجد غير مترقب ولا محسب ولا مكتسب كذا عرفه السيد الشريف محمد الجرجاني ولا حَكَم قومٌ أي: أئمة قوم بغير الحق أي: بغير ما أنزل الله عز وجل إلا فشا أي: كثر فيهم الدّم، أي: القتال والفتن التي تقتضي الجراحات بالمحاربة بينهم ولا ختر بفتح الخاء المعجمة والتاء الفوقية المفتوحة ثم راء مهملة مفتوحة أي: لا خدع ولا غدر ولم ينقض قومٌ في زمن الماضي وفي نسخة: قط العهد أي: بعهد الله ورسوله يعني لم يحكموا بكتابه تعالى وبسنة رسوله.
قال ناصر الدين أبو الخير عبد الله بن عمرو بن محمد بن علي البيضاوي الشيرازي: قيل عهد الله ثلاثة:
الأول: عهد أخذه الله تعالى على جميع ذرية آدم بأن يقروا بربوبيته حين أخرجهم من آدم على صورة الذرة بعضها أبيض وبعضها أسود، وانتشروا على يمين آدم ويساره فجعلهم عقلاء فخاطبهم حين أشهدهم على أنفسهم بقوله:{أَلَسْتُ بِربِّكُمْ}[الأعراف: ١٧٢] وأمرهم بالإِيمان ونهاهم عن الكفر، فأقروا له تعالى بالربوبية ولأنفسهم بالعبودية حيث قالوا:{بَلَى}[الأعراف: ١٧٢] فكان ذلك منهم إيمانًا حقيقيًا أو حكميًا فهم يولدون على تلك الفطرة.
والثاني: عهد أخذه الله على النبيين بأن يقيموا الدين ولا يتفرقوا فيه.
والثالث: عهد أخذه الله على العلماء بأن بينوا الحق ولا يكتمونه ولا يحكمون بغيره، والمراد هنا الأول كذا فصلناه في حاشية تفسير قوله تعالى: {إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ