قال محمد: وبهذا كلِّه نأخُذُ؛ لا تُبَاشرُ حائضٌ عندنَا حتى تَحِلَّ لها الصلاةُ، أو تجبَ عليها، وهو قولُ أبي حنيفة.
• أخبرنا، وفي نسخة: محمد قال: ثنا رمزًا إلى حدثنا، وفي نسخة أخرى: أنا رمزًا إلى أخبرنا مالك بن أنس، من أتباع التابعين، أخبرني بالإِفراد، وفي نسخة، قال: أخبرني الثِّقَةُ، أي: المعتمد، يعني: ربيعة، والله أعلم.
كما وجدتُ في حاشية المتن عندي أي في معتقدي، ولم يذكر الإِمام مالك بن أنس اسم الثقة؛ لأنه مشهور بين المحدثين بكونه ثقة، وَذِكْر عندي: إشعار بأن كل راوٍ عن مالك ينبغي أن يعتمد بصحة الحديث، عن سالم بن عبد الله، أي: ابن عمر، وهو أحد الفقهاء السبعة، وَسليمانَ بن يَسَار، أي: أحدهم أيضًا، أنهما، أي: سالمِ وسليمان، سُئلا على بناء المجهول، عن الحائض، هل يُصيبها أي: يجامعها زوجُها إذا رأتِ الطُّهْرَ، أي: علامته بقصة أو جفوف قبل أن تَغْتَسِلَ؟ فقالا: أي: كلًا منهما: لا، أي: لا يصيبها حتى تغتسل، لقوله تعالى في سورة البقرة:{وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ}[البقرة: ٢٢٢].
إذ تأكيد للحكم، وبيان لغايته، وهو أن يغتسلن بعد الانقطاع، ويدل عليه صريحًا قراءة {يَطْهُرْنَ} بالتشديد، بمعنى يغتسلن، والتزامًا بقوله:{فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ}[البقرة: ٢٢٢]، فإنه يقتضي تأخر جواز الإِتيان عن الغسل، وبهذا قال مالك والشافعي وأحمد وزفر وجمهور الفقهاء، يعني: أنه لا يجوز وطء امرأة انقطع حيضها ونفاسها حتى تغتسل.
قال محمد رحمه الله: وبهذا (ق ٧٨) أي: إنما نعمل بهذا الحديث لا غير نأخُذُ؛ أي: نعمل ونفتي به، بأن لا تُبَاشرُ على صيغة المجهول، أي: لا تُجامع حائضٌ عندنَا حتى تَحِلَّ لها الصلاةُ، أي: بأن تغتسل، أو تجبَ عليها الصلاة، أي: بدخول وقتها، أو بالشروع فيها، وتقديم بهذا على قوله: نأخذ يفيد الحصر، كما أشرنا بلفظ إنما، وهو قولُ أبي حنيفة وقد قال علماء الحنفية: حل وطء من انقطع دمها لأكثر الحيض أو النفاس قبل الغسل دون من انقطع لأقله، إلا إذا اغتسلت بلا خلاف، أو مضى وقت يسع فيه الغسل والتحريمة.