للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨٨٣ - أخبرنا مالك، أخبرنا ابن شهاب، عن أبي بكر بن عُبيد الله، عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أكل أحدُكم فليأكل بيمينه، وليشربْ بيمينه، فإن الشيطان يأكل بشِماله، ويشرب بشماله".

قال محمد: وبه نأخذ، لا ينبغي أن يأكل الرجل بشماله، ولا يشرب بشماله، إلا من عِلَّة.

• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا مالك أخبرنا ابن شهاب، عن أبي بكر بن عُبيد الله، بالتصغير عن عبد الله بن عمر بن الخطاب تابعي ثقة، وأبوه شقيق سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب كان في الطبقة الرابعة من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات بعد الثلاثين ومائة عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أكل أحدُكم أي: إذا أراد أن يأكل فليأكل بيمينه، أي: بيده اليمنى من اليمين وهو البركة وليشربْ بيمينه، ولأحمد ومسلم وأبي داود: "إذا شرب فليشرب بيمينه" (١)؛ لأن من حق النعمة القيام بشكرها، ومن حق الكرامة أن تتناول باليمنى وقدم الأكل لحكم إجراء الشرع على وفق الطباع؛ ولأنه سبب للعطش فيكره تنزيهًا لا تحريمًا عند الجمهور فعلهما بالشمال إلا لعذر وأرشد لعلة ذلك بقوله: فإن الشيطان يأكل بشماله، ويشرب بشماله" أي: حقيقة؛ لأن العقل لا يحيله والشرع لا ينكره، وقد ثبت به الخَبر فلا يحتاج إلى تأويله (ق ٩١١) بأن معناه إن فعلتم كنتم أولياؤه لأنه يحمل أوليائه على ذلك.

قال ابن عبد البر: وهذا ليس بشيء فلا معنى لحمل شيء من الكلام على المجاز إذا أمكنت الحقيقة فيه بوجه ما.

وقال ابن العربي: وإن نفى عن الجن الأكل والشرب فقد وقع في حبالة الحاد وعدم إرشاد بل الشيطان، وجميع الجان يأكلون ويشربون وينكحون ويولد لهم ويموتون وذلك جائز عقلًا، وورد به الشرع وتظافرت به الأخبار فلا يخرج عن هذا الضمان إلا حمار، ومن زعم أن أكلهم شم فما شم رائحة العلم انتهى.


(٨٨٣) صحيح: أخرجه مسلم (٢٠٢٠) وأبو داود (٣٧٧٦) والترمذي (١٨٠٠) وأحمد (٤٥٢٣) ومالك (١٧١٢).
(١) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>