فذهبت ول فوجدتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالسًا في المسجد المراد به هنا الموضع الذي أعده النبي - صلى الله عليه وسلم - للصلاة فيه حين محاصرة الأحزاب للمدينة في غزوة الخندق ومعه الناس, أي: أصحابه فقمتُ عليهم, أي: وقفت وفي رواية: فسلمت عليهم فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أأرسلك أي: هل أرسلك أبو طلحة؟ " قلت: نعم، وفي نسخة: فقلت بالفاء قال: كذا في نسخة أي: أنس فقال: "لطعام؟ "، وفي (الموطأ) لمالك برواية يحيى: بطعام بالباء الموحدة بدل اللام فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمن معه:"قوموا"، ظاهره أنه - صلى الله عليه وسلم - مفهم أن أبا طلحة استدعاه إلى منزله فلذلك قال لمن عنده: قوموا وأول الكلام يقتضي أن أم سليم وأبا طلحة أرسلا الخبز مع أنس أن يأخذه النبي - صلى الله عليه وسلم - فيأكله فلما وصل أنس ورأى كثرة الناس حول النبي - صلى الله عليه وسلم - استحى وظهر له أن يدعو النبي - صلى الله عليه وسلم - ليقوم معه وحده إلى المنزل فيحصي مقصودهم من إطعامه، ويحتمل أن يكون ذلك عن رأى من أرسله حيث عهد إليه أنه إذا رأى كثرة الناس يستدعي النبي - صلى الله عليه وسلم - وحده خشية أن لا يكفي ذلك النبي ومن معه، وقد عرفوا إيثاره - صلى الله عليه وسلم - وأنه لا يأكل وحده، ووقع في رواية يعقوب بن عبد الله بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس عن أبي نعيم وأصله عند مسلم فقال لي أبو طلحة: يا أنس اذهب فقم قريبًا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا أقام فدعه حتى يتفرق عنه أصحابه ثم اتبعه حتى إذا قام عتبة بابه فقل له: إن أبي يدعوك قال: أي: أنس فانطلقْتُ بين أيديهم، ثم رجعتُ إلى أبي طلحة، وفي نسخة الشارح علي القاري: حتى جئت أبا طلحة فأخبرته الخبر، فقال أبو طلحة: يا أم سُليم: قد جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالناس أي: بجمع عظيم منهم وليس عندنا من الطعام ما نطعمهم، كيف نصنع؟ وفي نسخة: فكيف نصنع فقالت: الله ورسوله أعلم، قال: أي: أنس فانطلق أبو طلحة أي: مستقبلًا للمشايعة حتى لقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأقبل هو ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى دخلا، وفي نسخة: فأقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو طلحة معه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هلمي أي: أحضري يا أم سُلَيم ما عندك"، أي: من الطعام فجاءت بذلك الخبز, أي: الذي أرسلته مع أنس فأمر به أي: الخبز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَفُتَّ، بضم الفاء وتشديد التاء الفوقية أي: كسرت وعَصَرَت أم سُلَيم عكةً لها؛ وفي نسخة: لهم أي: عصرتها لأجل الناس بضم العين المهملة وتشديد الكاف المفتوحة: وعاء من جلد مستدير يختص بالسمن والعسل، وهو بالسمن أخص على ما في (النهاية) فآدمته، بالمد وبالقصر بالتشديد جعلت فيه إدامًا. كذا في (النهاية) ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه كذا في نسخة ما شاء