من الناس والصدقة أي: وكف الرجل نفسه من أخذ الصدقة إن أعطيت بلا سؤال استنبط المصنف هذه الترجمة من قوله تعالى في سورة البقرة: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ (ق ٩٢٥) إِلْحَافًا} الآية [البقرة: ٢٧٣]، ووجه المناسبة بين هذا الباب وبين الباب السابق معنى الكراهة بالكراهة بالكذب وغيره والسؤال عن الناس وغيره. محمد قال: بنا مالك. كذا في نسخة.
٨٩٨ - أخبرنا مالك، أخبرنا ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي سعيد الخُدري: أن أناسًا من الأنصار سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، حتى أنفَدَ ما عنده، فقال:"ما يكن عندي من خير فلن أدّخره عنكم، ومن يستعفف يَعفُّه الله، ومن يستغنِ يُغنه الله، ومن يَتَصَبَّر يصبره الله، وما أُعطي أحدٌ عطاءً هو خيرٌ وأوسع من الصبر".
• أخبرنا مالك، أخبرنا ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد الليثي, أي: بالمثلثة من أنفسهم، وقيل: مولاهم المدني نزيل الشام ثقة، كان في الطبقة الثالثة من طبقات التابعين والمحدثين من أهل المدينة، مات سنة خمس أو سبع ومائة وقد جاوز ثمانين سنة. كذا في (تقريب التهذيب) عن أبي سعيد الخُدري: رضي الله عنه أن أناسًا من الأنصار قال الحافظ: لم يتعين لي أسماؤهم إلا أن في النسائي ما يدل على أن أبا سعيد الراوي منهم للطبراني عن حكيم بن حزام أنه خوطب ببعض ذلك، لكنه ليس أنصار إلا بالمعنى الأعم سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي: شيئًا من المال فأعطاهم، ثم سألوه أي: ثانيًا فأعطاهم، ثم سألوه أي: ثالثًا فأعطاهم، حتى أنفَدَ ما عنده, أي: أفناه ولم يبق شيئًا منه، وهو مأخوذ من نفذ بفتح النون وكسر الفاء فدال مهملة من باب علم بمعنى نفى وانقطع، ومنه قوله تعالى في سورة النحل:{مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ}[النحل: ٩٦] ويتعدى بالهمزة فقال: أنفدته أي: أفنيته على ما في (المصباح) فقال: أي: النبي - صلى الله عليه وسلم - والفاء بمعنى ثم كما كان في (الموطأ)
(٨٩٨) صحيح: أخرجه: البخاري (١٤٦٩) ومسلم (١٠٥٣) وأبو داود (١٦٤٤) والترمذي (٢٠٢٤) والنسائي (٢٥٨٨) وابن ماجه (٢٨٩٣) وأحمد (١٥٨٣) ومالك (١٨٨٠).