لمالك ثم قال:"ما يكن ما شرطية، وفي رواية: ما يكون فما موصولة، والمعنى ما يوجد عندي من خير أي: من مال وجواب الشرط فلن أدّخره عنكم، بفتح الهمزة وتشديد الدال المهملة المفتوحة وكسر الخاء المعجمة فراء مهملة أي: لن أجعله ذخيرة لغيركم أو لن أحبسه وأخباه ولن أمنعه ومن يستعفف بالفائين من الاستعفاف أي: من يطلب العفة والمكسر أي: الحبس عن المال سؤال يَعفُّه الله، من الإِعفاف جواب لمن المتضمنة بمعنى الشرط أي: يصنعه الله من الوقوع في المزلة ومن يستغنِ أي: يظهر الغنا بما عنده من اليسير عن المسألة يُغنه الله, أي: من فضله عما سواه وقنعه الله بما لديه وأرضاه ومن يَتَصَبَّر أي: من يصدق المصبر ويؤثره ويختاره بعد الفجر يصبره الله، بتشديد الوحدة أي يوفقه الله ويعنه على الصبر فإن الله مع الصابرين، وقال تعالى في سورة النحل:{وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ}[النحل: ١٢٧] وقد ورد: "وأن النصر مع الصبر" وما أُعطي بضم الهمزة مبني للمفعول أحدٌ نائب الفاعل عطاءً نصب على أنه مفعول ثان لأعطى هو خيرٌ أي: أفضل أجرًا وأوسع أي: أكثر نفعًا من الصبر" فإن للصبر عليه مقدار المقامات العلا، كما قال تعالى: في سورة الملائكة: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}[الزمر: ١٠] محمد قال: بنا مالك، كذا في نسخة.
* * *
٨٩٩ - أخبرنا مالك، أخبرنا عبد الله بن أبي بكر، أن أباه أخبره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استعمل رجلًا من بني عبد الأشهل على الصدقة، فلما قدم سأله أبْعِرَةً من الصدقة، قال: فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حتى عُرِفَ الغضبُ في وجهه، وكان مما يُعرف به الغضب في وجهه: أن تحمّر عيناه، ثم قال:"الرجل يسألني ما لا يصلحُ لي ولا له، فإن منعتُه كرهتُ المنعَ، وإن أعطيتُهُ أعطيتُهُ ما لا يصلح لي ولا له"، فقال الرجل: يا رسول الله، لا أسألك منها شيئًا أبدًا.
قال محمد: لا ينبغي أن يُعطى من الصدقة غنيّ، وإنما نرى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك؛ لأن الرجل كان غنيّا، ولو كان فقيرًا لأعطاه منها.