للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• أخبرنا مالك، أخبرنا عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني القاضي فيها ثقة، كان في الطبقة الخامسة من طبقات التابعين والمحدثين من أهل المدينة، مات سنة خمسة وثلاثين ومائة وهو ابن سبعين سنة أن أباه أي: أبا عبد الله، وهو أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أخبره أي: مرسلًا ورواه أحمد بن منصور البلخي متصلًا عن مالك عن عبد الله عن أبيه عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استعمل رجلًا من بني عبد الأشهل بفتح الهمزة وسكون الشين المعجمة بطن من الأوس على الصدقة، أي: أخذها وجمعها وإتيانها فلما قدم سألة أي: عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أبْعِرَةً بفتح الهمزة وسكون الموحدة وكسر العين المهملة ثم راء فوقية جمع البعير، وهو الإِبل كذا قاله محمد الواني من الصدقة، أي: زيادة على أجر عمله كما ذكره السيوطي قال: أي: أبو بكر الراوي فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أي: غضبًا شديدًا حتى عُرِفَ أثر الغضبُ في وجهه، أي: - صلى الله عليه وسلم - فإن قيل: كيف يصح إسناد الغضب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع أنه تعالى قال في شأنه - صلى الله عليه وسلم -: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: ٤] ومن حسن الخلق أن لا يغضب.

عن العلاء بن الشخير: أن رجلًا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من قبل وجهه فقال: يا رسول الله أي: العمل أفضل؟ قال: "حسن الخلق"، ثم أتاه عن يمينه فقال: أي العمل أفضل يا رسول الله؟ قال: "حسن الخلق"، ثم أتاه عن شماله فقال: أي العمل أفضل؟ قال: "حسن الخلق"، ثم أتاه من بعده أي: من خلفه فقال: يا رسول الله, أي العمل أفضل؟ فالتفت إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ما لك لا تفقه حسن الخلق أن لا تغضب إن استطعت". رواه محمد بن نصر المروزي.

أجيب بأن الغضب شرعًا هو غليان دم القلب لدفع المؤذيات عن القلب قبل وقوعها فيه، ولطالب حصول الشفاء القلب بالانتقام من الجاني عليه بعد وصولها فيه، فغضبه - صلى الله عليه وسلم - رجلًا سائل زيادة على أجر عمله من قبيل طلب حصول شفاء القلب إلى آخره، وهو حسن الخلق، فإنه إذا غضبه صانه من أن يكون غاصبًا من بيت المال وصان بيت المال من أن يكون مصروفًا إلى غير محله، فهذه الصيانة من حسن الخلق وكان مما يُعرف به الغضب في وجهه: أن تحمّر عيناه، أي: لشدة الغضب وكان يظلمه ثم قال: "الرجل يسألني ما أي: شيئًا لا يصلحُ لي أي: إعطاؤه ولا له، أي: ولا يصلح له أخذه فإن منعتُه كرهتُ المنعَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>