• أخبرنا مالك، أخبرنا عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أيما امرئٍ أي: أي رجل قال لأخيه: أي: في الإِسلام كافر، بالتنوين أي: هو كافرًا وأنت كافرًا على ما نسخه، وفي نسخة أخرى: يا كافر بحرف النداء فقد باءَ بموحدة ممدودة أي: رجع لها أي: بكلمة الكفر، وفي نسخة: به بتذكير الضمير المجرور أي: رجع بمضمون كلمة الكفر بها أحدهما" أي: لأنه إن كان القائل صادقًا في نفس الأمر فالمقول له كافر وإن كان كاذبًا، فقل جعل القائل الإِيمان كفرًا. كذا حمله البخاري على تحقيق الكفر على أحدهما، وحمله غيره على الزجر والتغليظ، فظاهره غير مراد.
وقال سعيد بن زيد الباجي المالكي: إن كان المقول له كافرًا فهو كما قال، وإلا خيف على القائل أن يصير كافرًا، والحديث رواه البخاري في (الأدب) عن إسماعيل عن مالك به، كما قاله الفاضل محمد الزرقاني وصورته ما في المحيط:"من قال لرجل مسلم يا كافر فسكت المخاطب" قال الفقيه أبو بكر البلخي: يكفر هذا القاذف وقال غيره من مشايخ بلخ: لا يكفر ثم جاء الفقيه أبو بكر البلخي إلى بلخ فأفتى بعض أئمة البنجارا أن القاذف يكفر فرجع الكل إلى فتوى أبي بكر فقالوا: كفر، ولكن أخي جلبي في هدية المهديين نقلًا عن (البزارية المختارة) في أمثال هذه الأقوال: إن لم يعتقد الشاتم كفر المخاطب لا يكفر الشاتم وإن اعتقد كفره كفر، كما نقلناه في رسالتنا (بركات الأبرار).
قال محمد: لا ينبغي أي: لا يصح لأحد من أهل الإِسلام أن يشهد على رجل من أهل الإِسلام قوله: بذنب بأن يشهد أذنبه محلًا مجرور على أنه صفة بذنب أي: فعله بكفرٍ، متعلق بيشهد، وإن وصلية وإن عظم جُرمه، بضم الجيم وسكون الراء المهملة أي: وإن عظم عند الخالق والمخلوق، ثم ما فعله كترك الصلاة والكذب وقتل النفس بغير حق وسائر الكبائر مما عدى الكفر؛ لأنه تعالى قال: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ (ق ٩٤٢) ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} الآية [النساء: ٤٨] وهو أي: المذكور قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا أي: خلافًا للخوارج والمعتزلة.
لما فرغ من بيان ما يتعلق بالخصومة في أمر الدين، شرع في بيان ما يتعلق بحكم أكل الثوم ودخول المساجد، فقال: هذا