الزهري ولد على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ومات أبوه في ذلك الزمان فلذلك عد في الصحابة.
وقال العجلي: من كبار التابعين كان جليسًا لنا، أي: مجالسًا ومصاحبًا ومؤانسًا وكان أبيض اللحية والرأس، أي: شعرهما فغدا أي: فمر عبد الرحمن وقت الصباح عليهم أي: على قوم ولا يتوهم إلا ضمار قبل الذكر، فإن القوم مقدم حكمًا كما يدل عليه المذكور الآتي ذات يوم قبل كلمة ذات مقحمة وفائدتها دفع مجاز المشارفة، وقيل: ذات الشيء نفسه وحقيقته والمراد به ما أضيف إليه، فإن العرب يستعملون (ق ٩٥٦) ذات يوم وذات ليلة ويريدون حقيقة المضاف إليه نفسه وقد حمَّرها، بتشديد الميم أي: والحال أن عبد الرحمن بن الأسود صبغ لحيته بالحمرة فقال القوم: أي: من الأصحاب هذا أحْسن، أي: اللون الأحمر أحسن من بياض في نظر الأحباب، وفيه إشارة إلى قوله تعالى في سورة البقرة:{صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ}[البقرة: ٦٩] فقال: إن أمي عائشة أي: بكونها من أمهات المؤمنين كما أشار إليه بقوله: زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - أرسلتْ إليَّ البارحة أي: الليلة الماضية جاريتَها نخيلة بضم النون وفتح الخاء المعجمة تصغير نخلة لعلها سمي بها لطولها فأقسمتْ عليَّ أي: عائشة أو الجارية على لسانها في معرض بيانها لأصبغنَ، بصيغة المتكلم والنون المؤكدة المشددة من بابي منع ونصر، وفي لغة من باب ضرب وأخبرتني أي: عائشة أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان يَصْبَغ أي: وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين"(١) وربما كان أبو بكر رضي الله عنه يصبغ ويراه النبي - صلى الله عليه وسلم - فيكون هذا حديث تقريرًا.
قال محمد: لا نرى بالخضاب أي: بالصبغ بالوَسْمةِ بفتح الواو وسكون السين المهملة، وفي (المصباح) إنها في لغة الحجاز بكسر السين وهي أفصح من السكون، وأنكر الأزهري السكون هو نبت يختضب بعروقه والحناء والصُّفرة بأسًا، وأما الصبغ بالسواد فحرام وإن تركه أي: الشعر الأبيض فلا بأس بذلك، كل ذلك أي: ترك الشعر أبيضًا أو خضابًا حسن أي: وإنما الخضاب أحسن للغزاة.
اختلف العلماء هل خضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شعره أم لا؟
(١) أخرجه أبو داود في السنة ب (٥) والترمذي (٢٦٧٦) وابن ماجه (٤٢) وأحمد في المسند (٤/ ١٢٦، ١٢٧) والطبراني في الكبير (١٨/ ٢٤٦، ٢٤٧، ٢٤٨، ٢٤٩، ٢٥٧) والبيهقي (١٠/ ١١٤) وابن أبي عاصم (١/ ٢٩، ٣٠) وابن حبان (١٠٢).