للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال النووي: والمختار أنه - صلى الله عليه وسلم - خضب في وقت لما دل عليه حديث ابن عمر في الصحيحين ولا يمكن تركه ولا تأويله، وتركه في معظم الأوقات، فأخبر كل بما رأى وهو صادق والله أعلم.

قال ميرك: واختلف أهل العلم سلفًا وخلفًا في أنه هل الخضب أحب أم تركه أولى، فذهب جمع إلى الأول مستدلين بحديث أبي هريرة رفعه: "إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم" أخرجه الشيخان (١) والنسائي (٢) وغيرهم، وبحديث أبي أمامة رضي الله عنه أنه قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على مشيخة من الأنصار بيض لحاهم فقال: "يا معشر الأنصار حمروا أو صفروا أو خالفوا أهل الكتاب" أخرجه أحمد (٣) بسند حسن ولهذا أخضب الحسن والحسين وجمع كثير من كبراء الصحابة، ومال كثير من العلماء إلى أن ترك الخضاب أولى لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعًا: "من شاب شيبة فهي له نور إلا أن ينتفها أو يخضبها" (٤) هكذا أورده الطبري، ولكن قال ابن حجر العسقلاني: أخرجه الترمذي وحسنه ولم أر في شيء من طرقه الاستثناء المذكور انتهى.

وأخرجه الترمذي (٥) وابن ماجه من حديث كعب بن مرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من شاب شيبة في الإسلام كانت له نور يوم القيامة" وأخرجه الترمذي من حديث عمرو بن عبسة أيضًا (ق ٩٥٧) وقال: صحيح، وأخرج الطبراني من حديث ابن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كان يكره تغير الشيب" ولهذا لم يخضب علي وسلمة بن الأكوع وأبي بن كعب وجمع جم من كبار الصحابة، وجمع الطبراني بين الأخبار الدالة على الخضب والأخبار الدالة على خلافه بأن الأمر لمن لم يكن شيبه مستبشعًا فيستحب له الخضاب، ومن كان بخلافه فلا يستحب في حقه، ولكن الخضاب مطلقًا أولى؛ لأنه فيه امتثالًا للأمر في مخالفة أهل الكتاب، وفيه صيانة للشعر عن تعلق الغبار وغيره إلا إن كان من عادة أهل


(١) البخاري (٣/ ١٢٧٥) (٥/ ٢٢١٠).
(٢) النسائي في الكبرى (٥/ ٤١٥) وفي الصغرى (٨/ ١٨٥).
(٣) أحمد في المسند (٥/ ٢٦٤).
(٤) أخرجه الترمذي (١٦٣٤، ١٦٣٥) والنسائي (٦/ ٢٦) وأحمد (٢/ ٢١٠، ٤/ ٣٨٦) والبيهقي (٩/ ١٦١) والطبراني في الكبير (١/ ٢١) (١٨/ ٣٠٤) وابن سعد في الطبقات (١/ ٢، ١٣٧).
(٥) الترمذي (١٦٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>