للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

البلد ترك المصبغ فالترك في حقه أولى وهو جمع حسن.

ثم إن القائلين باستحباب الخضاب اختلفوا في أنه هل يجوز الخضب بالسواد والأفضل الخضاب بالحمرة أو الصفرة، فذهب أكثر العلماء إلى كراهة الخضب بالسواد وجنح النووي إلى أنها كراهة التحريم وأن من العلماء من رخص فيه في الجهاد ولم يرخص في غيره واستحبوا الخضاب بالحمرة أو الصفرة لحديث جابر قال: أتي بأبي قحافة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة ورأسه ولحيته كالثغامة بياضًا فقال - صلى الله عليه وسلم -: "غيروا هذا واجتنبوا السواد" أخرجه مسلم، وأخرجه أحمد من حديث أنس قال: جاء أبو بكر بأبيه أبو قحافة يوم فتح مكة يحمله حتى وضعه بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورأسه ولحيته كالثغامة بياضًا إلى آخره وزاد الطبراني وابن أبي عاصم من وجه آخر عن جابر فذهبوا به وحمروه، والثغامة بضم المثلثة وتخفيف المعجمة نبات شديد البياض زهره وثمره، ولحديث أبي ذر رفعه: "إن أحسن ما غيرتم به الشيب الحناء والكتم" أخرجه الأربعة وأحمد وابن حبان وصححه الترمذي، وتقدم أن الصبغ بها يخرج بين السواد والحمرة ولحديث ابن عباس قال: مر رجل على النبي - صلى الله عليه وسلم - قد خضب بالحناء فقال: "ما أحسن هذا" قال: فمر آخر قد خضب بالصفرة فقال: "هذا أحسن من هذا كله" أخرجه أبو داود (١) وابن ماجه (٢) ولحديث ابن عباس أيضًا مرفوعًا: "يكون قوم في آخر الزمان يخضبون بهذا السواد كحواصل الحمام لا يجدون رائحة الجنة" رواه أبو داود (٣) والنسائي (٤) وفي إسناده مقال، ولحديث أبي الدرداء رفعه: "من خضب بالسواد سود الله وجهه يوم القيامة" أخرجه الطبراني (٥) وابن أبي عاصم، وسنده لين، ومنهم من فرق في ذلك بين الرجل والمرأة فأجازه لها دون الرجل، واختاره الحليمي، وأما خضب اليدين والرجلين فمستحب في حق النساء ويحرم في حق الرجال إلا للتداوي. هذا وأول من خضب بالسواد فرعون، ثم نتف الشيب يكره عند أكثر العلماء لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعًا: "لا تنتفوا الشيب فإنه


(١) أبو داود (٤/ ٨٦) رقم (٤٢١١).
(٢) ابن ماجه (٢/ ١١٨٩) رقم (٣٦٢٧).
(٣) أبو داود (٤/ ٨٧) رقم (٤٢١٢).
(٤) النسائي (٨/ ١٣٨).
(٥) الطبراني في معجم الشاميين (١/ ٣٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>