للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال القاضي عياض: ويحتمل أن عائشة وأم سلمة، كلتاهما أنكرتا عليه، فأجاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بما أجابها، وإن كان أهل الحديث يقولون: إن الصحيح هنا: أم سلمة لا عائشة.

قال ابن حجر (١): وهو جمع حسن، لا يمتنع حضور أم سلمة وعائشة عند النبي - صلى الله عليه وسلم - في مجلس واحد. انتهى.

وفيه: أنه لا يبعد اجتماعهما، ولكن يستغرب إنكارهما معًا في واحد، نعم لو فرض أن السائلة غير أم سلمة، فربما يحمل على واقعتين، والله أعلم بحقيقة الحالتين.

قالت: أي: الراوية، فالتَفتَ أي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إليها، أي: إلى عائشة رضي الله عنها، فقال: تَرِبَتْ بكسر الراء؛ أي: افتقرت يمينُك، أي: بذلك، والذي عليه المحققون أنها كلمة أصلها: افتقرت، ولكن العرب: اعتادت استعمال مبناها غير قاصدة حقيقة معناها الأصلي، فتذكرون: "تربت يداك"، وقاتله الله، ما أشجعه، ولا أم له، ولا أب لك، وقتلته أمه، وويل أمه، وغير ذلك من ألفاظهم عند إنكار الشيء، أو الزجر عنه، والزم عليه، واستعطافه والحث عليه والإِعجاب به.

وقال السيوطي (٢): أي: افتقرت بذلك من العلم، والمعنى: إذا جهلت مثل هذا، فقد قل حظك من العلم.

ومِنْ أين يكون الشِّبْهُ، بفتحتين، أو بكسر وسكون، يريد شبه الابن لأحد أبويه، أو لأقاربه، والمعنى أن للمرأة ماء تدفعه عند اللذة الكبرى، كما للرجل ماء يدفعه، فإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة، خرج الولد شبه عمومته، وإذا سبق ماء المرأة، خرج الولد شبه خؤولته، ذكره السيوطي، والأظهر ما ذكره بعضهم: من أن السبق يوجب كون الولد من جنس صاحبه، وإن كثرته يوجب شبهه.

وروى يحيى في (موطئه) لمالك: عن هشام بن عروة عن أبيه، عن زينب بنت أبي سلمة، زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها قالت: جاءت أم سليم، امرأة أبي طلحة الأنصاري إلى


(١) انظر: الفتح (١/ ٣٨٨).
(٢) انظر: تنوير الحوالك (١/ ٧١، ٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>