للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: يا رسول الله، إن الله لا يستحيي (ق ٨٣) من الحق، هل على المرأة من غسل إذا احتلمت؟ قال: "نعم، إذا رأت الماء" (١).

رواه البخاري (٢) من طريق آخر: عن هشام بن عروة، فغطت وجهها، قالت: يا رسول الله، أو تحتلم المرأة؟ قال: "نعم، تربت يمينك، فبم يشبهها ولدها؟ ".

ولأحمد: قالت: وهل للمرأة ماء؟ قال: "هن شقائق الرجال"، أي: نظائرهم وأمثالهم في الخلق. ذكره الرافعي.

قوله: إن الله لا يستحيي من الحق، أي: لا يأمر أن نستحي من الحق، ولا يمتنع من ذكره امتناع المستحيي أو لا يتركه، فإن من يستحي من الشيء تركه.

والمعنى: أن الحياء لا ينبغي أن يمنع من طلب الحق.

فإن قيل: إنما يحتاج إلى تأويل الحياء في حق الله تعالى، إذا كان الكلام مثبتًا في حديث: "إن الله حييٌ كريم" (٣). فأما في النفي فالمستحيلات على الله تُنفى، ولا يشترط في النفي أن يكون النفي ممكنًا.

فالجواب: على تقدير تسليم ذلك إنه لم يرد النفي على الاستحياء مطلقًا؛ بل ورد على الاستحياء من الحق، وبطريق المفهوم يقتضي أنه ليستحي من غير الحق، فيعود بطريق المفهوم إلى الإِثبات، كذا حققه السيوطي (٤).


(١) تقدم.
(٢) أخرجه: البخاري (٣١٥٠).
(٣) أخرجه: أبو داود (١٤٨٨) من حديث سلمان، والترمذي (٣٥٥٦) من حديث سلمان، وابن ماجه (٣٨٦٥) من حديث سلمان، وابن حبان (٨٧٦)، من حديث سلمان، وعبد الرزاق في مصنفه (٣٢٥٠) من حديث أنس، (١٠٨٢٦) من حديث ابن عباس، والطبراني في الكبير (٢٢/ ٢٥٩) حديث (٦٧٠) من حديث يعلى بن أمية، (١٣٥٥٧) من حديث ابن عمر، والأوسط (٤٥٩١) من حديث جابر، والبيهقي في الشعب (٧٧٨٣) من حديث يعلى بن أمية، وأبو يعلى (٤١٠٨) من حديث أنس.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، وروى بعضهم ولم يرفعه.
(٤) انظر: تنوير الحوالك (١/ ٧١ - ٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>